يخشى العديد من الإيرانيين الذين أصيبوا على يد قوات الأمن وسط الاحتجاجات من الذهاب إلى المستشفى لتلقي العلاج، لأن بعض المتظاهرين الذين سعوا للحصول على المساعدة الطبية قد تم احتجازهم وفقاً لمصادر أبلغت شبكة CBS News، الأمريكية من داخل إيران وخارجها.
وتفصيلاً، قالت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية ومقرها النرويج، يوم السبت الماضي، إن عدد القتلى ارتفع إلى 185 على الأقل، بينهم 19 طفلاً على الأقل، مع استمرار غضب الإيرانيين على قادتهم في الأسبوع الرابع، وفقاً للعربية نت.
وقُتل بعض الإيرانيين الذين انضموا إلى الاحتجاجات على الفور على أيدي قوات الأمن أثناء قيامها بحملة قمع واسعة النطاق لقمع الاضطرابات، بينما لقي آخرون مصرعهم لاحقاً متأثرين بجراحهم.
وقالت تقارير إخبارية إن شرطة الآداب تستخدم حتى سيارات الإسعاف في العاصمة طهران لنقل المتظاهرين المصابين مباشرة إلى مراكز الشرطة.
وقال طبيب إيراني لشبكة "سي بي إس نيوز" شريطة عدم الكشف عن هويته: "بمجرد دخولهم المستشفى، يوجد عملاء استخبارات وأفراد من الحرس الثوري يسجلون أسماءهم". وتابع "لقد رأينا حالات خضع فيها المرضى المصابون لعملية جراحية في المستشفيات وخرجوا من المستشفى فيما بعد ثم اعتقلوا". وأوضح الطبيب أن هذا هو السبب وراء بقاء العديد من المتظاهرين المصابين في منازلهم ويطلبون المساعدة من الأطباء مثله. وقال إنه رأى مجموعة واسعة من الجروح، من مجموعة واسعة من الأسلحة.
وأشار الطبيب إلى أن "قوات الأمن تستخدم أسلحة متنوعة لقمع الناس من البلاستيك إلى الرصاص إلى بنادق الكلاشينكوف، وحتى نيران القناصة وكانت لدينا حالة شخص أصيب برصاصة لكنه فضل أن يصاب بالعمى على دخول المستشفى".
وقال الطبيب إنه هو وغيره من المهنيين الطبيين الذين عالجوا المتظاهرين المصابين في الخفاء تعرضوا للتهديد المستمر من قبل السلطات الإيرانية، وتعرض بعضهم لضغوط لتوقيع تعهدات مكتوبة بالامتناع.
ورغم المخاطر، قال الطبيب إنه يواصل عمله، لأن العديد من المتظاهرين يحاولون علاج أنفسهم في المنزل، "بطريقة ما"، خوفاً من الاعتقال إذا ذهبوا إلى المستشفى.
ويوم الاثنين، أفادت جماعة كردية تُدعى Hengaw Orgnanization for Human Rights أن عناصر أمن بملابس مدنية قد ضربوا بشدة واحتجزوا طبيباً إيرانياً لعلاجه المتظاهرين الجرحى في بلدة سقز مسقط رأس مهسا أميني.
وأفاد مهنيون طبيون إيرانيون آخرون، ممن لم يرغبوا في الكشف عن هويتهم خوفاً على سلامتهم، بأنهم شعروا بواجب مساعدة الجرحى.
وكانت إحداهما ممرضة إيرانية قالت إنها عالجت متظاهرين من كسر في رؤوسهم. وأضافت "كانوا يخشون الذهاب إلى المستشفى"، مضيفة أنها اضطرت إلى العناية بجروحهم في الشارع وسط الاضطرابات، لذلك لم يكن لديها الوقت لتعقيم إصاباتهم بشكل صحيح.
وقالت الممرضة: "ليس هناك حقاً فرصة لمراعاة المبادئ الأساسية". "لا أعرف كيف حالهم.. ما زلت قلقاً بشأنهم حقاً." وأضافت: "نحن مطالبون بإبلاغ الشرطة بجميع حالات إطلاق النار لأن جميع المكالمات الهاتفية مسجلة".
من جهته قال الدكتور كيفان ميرهادي، وهو أمريكي إيراني ورئيس قسم الطب الباطني في مستشفى كليفتون سبرينغز في نيويورك، إن يأس المحتجين الجرحى الذين يريدون تجنب المستشفيات واضح. قال مرهادي إنه يتلقى حوالي 500 رسالة على إنستغرام يومياً من المتظاهرين الجرحى في إيران، يتوسلون إليه للحصول على المشورة الطبية.
وقال "ميرهادي" لشبكة سي بي إس نيوز: "لذلك، فإن الشخص الذي ينزف من ساقه من جرح بطلق ناري، ينتظر فقط ردي على الهاتف". "إنه مجرد وضع مروع.. لأنهم خائفون للغاية.. إنهم ينتظرونني نوعاً ما لأخبرهم بما يجب عليهم فعله."
وأكد أنه يحاول أولاً إحالتهم إلى الأطباء الذين يثق بهم في إيران، لكن إذا فشلوا في العثور على واحد، فإنه يحاول أن يرشدهم إلى أفضل العلاجات المنزلية التي يمكن أن يوصي بها. وتتراوح إصاباتهم بين كسور وإصابات خطيرة في الرأس بسبب القتال البدني، إلى حروق من الدرجتين الثانية والثالثة جراء الصعق الكهربائي، وكذلك الجروح الناتجة عن طلقات نارية.
وتتوافق هذه الروايات مع ما وصفته هيومن رايتس ووتش باستخدام القوة "المفرطة والقاتلة" من قبل السلطات الإيرانية خلال الاحتجاجات، حيث قالت تارا سبهري فار، باحثة في هيومن رايتس ووتش، لشبكة سي بي إس نيوز إن استخدام قوات الأمن الإيرانية للبنادق الهجومية على المتظاهرين يعد انتهاكاً للمعايير الدولية.