مع انتهاء قمة برلين بشأن الأزمة الليبية وتأكيد قادة أبرز الدول المعنية بالنزاع في ليبيا، التزامهم باحترام حظر إرسال الأسلحة إلى هذا البلد، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية؛ تلقّى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "هزيمة نكراء" بشأن خططه في ليبيا.
فبنهاية المؤتمر الدولي، باتت تركيا في مواجهة المجتمع الدولي، بعد أن أفضت النتائج إلى نهايات معاكسة تمامًا لما تشتهيه أنقرة.
وخلال المؤتمر الدولي الخاص بليبيا، تعرّضت تركيا لانتقادات حادة، بعدما سعت من خلال التجمع الدولي، إلى تبييض ساحتها في الصراع الذي يمزق الأراضي الليبية، وطالَبَ الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أنقرة صراحةً بالكف عن إرسال "المرتزقة" إلى ليبيا.
وهي الخطوة، التي استبق بها الأتراك التجمع الدولي، وحشدوا آلاف المرتزقة إلى الأراضي الليبية؛ للانخراط في المعارك، وتغيير موازين القوى، وكأن النية التركية مبيتة لأن تكون مخرجات المؤتمر لا ترقى إلى سقف التوقعات.
ووفق ما نقلته "سكاي نيوز"؛ فتركيا تسعى لتحويل ليبيا إلى دولة فاشلة، ومن ثم يسهل التوغل والتغول في مفاصلها كافة؛ خاصة أنها تُعَد منجمًا ثمينًا للثروات الطبيعية، وبوابة اقتصادية مهمة لإفريقيا.
وبحصول أنقرة على حصة كبيرة في رقعة المعارك، تضمن أن تكون لها كلمة فصل في أي نتيجة، مهما كانت التداعيات.
وفي وقت سابق، كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن عدد المجندين السوريين، الذين وصلوا إلى العاصمة الليبية طرابلس، ارتفع إلى نحو 2400؛ مشيرًا إلى أن عمليات التجنيد مستمرة في المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا شمالي سوريا ليصل العدد إلى نحو 6000 متطوع سوري في ليبيا.
وفي هذه الأثناء، أعرَبَ وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، عن قلقه حيال وجود قوات أجنبية في ليبيا، خلال اجتماع مع نظيره التركي، مولود غاوويش أوغلو، وهي إحدى الدول التي تنشر قوات لها في تلك الدولة الواقعة في شمال إفريقيا.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، مورغان أورتاغوس، بعدما الْتقى بومبيو مع غاوويش أوغلو في برلين على هامش مؤتمر برلين: إن "وزير الخارجية عبّر عن قلقه من تورط عسكري أجنبي في الصراع".
كما أكد رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، لـ"سكاي نيوز" أن الوقت حان لكفّ تدخّل "الوكلاء الخارجيين" في الحرب في ليبيا.
وأضاف "النزاعات بالوكالة تنتهي فقط عندما يقرر الوكلاء الخارجيون أنهم يريدون وضع حد لها"؛ مؤكدًا "نريد سلامًا ترعاه الأمم المتحدة في ليبيا، وأن تتوقف هذه المنافسة، لقد عانى شعب ليبيا بما فيه الكفاية".
من جانبه، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن القوى الأجنبية التزمت بعدم "التدخل" بعد اليوم في النزاع في ليبيا.
وقال غوتيريش: "جميع المشاركين التزموا عدم التدخل بعد اليوم في النزاع المسلح أو في الشؤون الداخلية لليبيا"؛ علمًا بأن تركيا تساند حكومة السراج في طرابلس عسكريًّا.
فتركيا تقوم بدور سمسار الأزمات؛ فأينما تشتعل الاضطرابات، يبزغ النجم التركي، تحت شعارات براقة تنطلي على العامة، ولنا فيما حدث ويحدث في سوريا عِبَر كثيرة.
ويتنقل الفاعل التركي بتدابيره وسيناريوهاته المتشابهة على خارطة الأزمات، ويحوّل تلك البقاع إلى حدائق خلفية، يجني منها الربح الوفير بكلفة دموية غزيرة تتكبدها الشعوب، ويبرر سلوكياته تحت مظلة البراغماتية.