تزايدت الدلائل على إرسال كوريا الشمالية الآلاف من جنودها إلى روسيا؛ للقتال إلى جانبها في أوكرانيا؛ إذ أعلن حلف شمال الأطلسي "الناتو" والولايات المتحدة الأمريكية أمس أن الآلاف من الجنود الكوريين الشماليين يتجهون نحو الخطوط الأمامية، وهو تطوُّر دفع أوكرانيا إلى المطالبة بمزيد من الأسلحة، وخطة دولية لإبعاد هؤلاء الجنود.
وفي خضم ذلك، وصلت وزيرة خارجية كوريا الشمالية تشوي سون هوي إلى أقصى شرق روسيا اليوم الثلاثاء في طريقها إلى موسكو، وفقًا لما ذكرته وسائل الإعلام الروسية، التي أشارت إلى أنه من غير الواضح من ستلتقي به "تشوي"، التي تقوم بزيارتها الثانية خلال ستة أسابيع.
وليس من الواضح طبيعة الدور الذي قد يلعبه الجنود الكوريون الشماليون، لكن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وهو مركز أبحاث، قال في مذكرة: "إن الأعداد تجعل هذا الجهد أكثر من مجرد جهد رمزي، ولكن من المرجح أن يكون جنود كوريا الشمالية في أدوار داعمة، ويشكلون أقل من 1 في المئة من قوات روسيا"، وفقًا لـ"رويترز".
ومن المرجح أيضًا أن يلعب الجنود دورًا سياسيًّا لكل من روسيا وكوريا الشمالية؛ ما يُعزِّز موقفهما في العلاقات مع الصين، التي لديها شراكة غير مستقرة مع البلدين، وإرسال رسالة إلى واشنطن وحلفائها، وفقًا لما قاله دبلوماسيون ومحللون غربيون.
وقال جيلبرت روزمان من منتدى "أسان لبرنامج 38 نورث" في الولايات المتحدة: "كلما تعززت العلاقات بين موسكو وبيونغ يانغ توقع الجانبان الحصول على نفوذ أكبر على حلفاء الولايات المتحدة، وكذلك الصين".. مبينًا أن موسكو تحتاج إلى شريك معادٍ للوضع الراهن، ويشعر بالقلق إزاء الصين، لكنه غير راغب في استفزازها، ويساعد في تلبية احتياجات الأسلحة، أو ربما العمالة.
وقال دبلوماسي، متحدثًا بشرط عدم الكشف عن هويته: "لن تغير بضعة آلاف من الجنود الكوريين الشماليين مسار الحرب؛ لذا قد تكون محاولة روسية لتأكيد للولايات المتحدة مدى تسبب موسكو في الإزعاج إذا أرادت ذلك"، مضيفًا: "إنَّ دَمْج الجنود الكوريين الشماليين في آلة حرب معقدة للغاية ليس بالأمر السهل، لكن استخدام وجودهم لإخافة الولايات المتحدة وحلفائها في آسيا أمر بسيط للغاية".
وتقوى المؤشرات على أن حرب روسيا وأوكرانيا تأخذ منحى خطيرًا جديدًا؛ إذ أعرب "الناتو" وكوريا الجنوبية عن قلقهما من احتمال انضمام قوات كورية شمالية قريبًا إلى جانب موسكو.
وأعلن مسؤولون أمريكيون أن أي جنود كوريين شماليين يقاتلون في الحرب سيكونون "هدفًا مشروعًا" للهجمات الأوكرانية، وأن واشنطن لن تفرض أي قيود جديدة على استخدام أوكرانيا الأسلحة الأمريكية إذا دخلت كوريا الشمالية المعركة.
ودانت كوريا الجنوبية، التي لا تزال في حالة حرب تقنيًّا مع كوريا الشمالية المسلحة نوويًّا بعد عقود من الحرب الكورية (1950-1953)، عمليات النشر هذه؛ إذ يشعر المسؤولون في سيول بالقلق بشأن ما قد تقدمه روسيا لبيونغ يانغ مقابل ذلك.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بعد محادثات مع الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول اليوم: "إن التحركات الكورية الشمالية تدفع الحرب إلى مرحلة جديدة. وإن هذه الحرب تتحول إلى حرب دولية، وتتجاوز حدود دولتين".
وذكرت كوريا الجنوبية أنها قد تبدأ في توريد الأسلحة إلى أوكرانيا إذا انضم الجنود الكوريون الشماليون إلى حرب روسيا، ولم ينفِ الرئيس فلاديمير بوتين وجود قوات كورية شمالية في البلاد.
وقدرت وزارة الدفاع الأمريكية أن 10000 جندي كوري شمالي تم نشرهم في شرق روسيا للتدريب، بزيادة عن تقدير 3000 جندي الأسبوع الماضي.
وأفاد المشرعون الكوريون الجنوبيون الذين تم إطلاعهم من قِبل وكالة الاستخبارات في البلاد بأن الجيش الروسي يحاول تعليم المصطلحات العسكرية للجنود الكوريين الشماليين، مضيفين بأن موسكو تواصل تقديم الدعم الفني لمحاولات كوريا الشمالية لإطلاق أسطول من الأقمار الصناعية التجسسية.
ولأشهر عدة قدمت كوريا الشمالية لروسيا صواريخ باليستية قصيرة المدى وقذائف مدفعية، وغيرها من الأسلحة، وفقًا لمسؤولي الاستخبارات في الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وأوكرانيا.