أوضح مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، الدكتور أحمد المنظري، أن المنظمة تتابع عن كثب وبقلق بالغ، الأزمة الإنسانية التي يواجهها شعب باكستان حاليًا نتيجة الفيضانات الموسمية الهائلة.
وقال "المنظري": إن قلوبنا مع شعب باكستان ودعواتنا لهم، وخاصة في المجتمعات التي تأثرت مباشرة، وفيهم زملاؤنا في منظمة الصحة العالمية وفي المؤسسات الوطنية الشريكة، ممن يواصلون العمل بلا كلل لتلبية الاحتياجات الصحية الهائلة، على الرغم من تأثرهم شخصيًّا بهذه الكارثة؛ إذ إن مستوى الأضرار والدمار الذي تسببت فيه الفيضانات غير مسبوق في باكستان، نتيجةً لتغير في المناخ العالمي حدث على مدار وقت طويل، وأدى إلى زيادة قسوة الظروف المناخية.
وتابع: هناك عشرات الملايين لم يعد أمامهم إلا استخدام مياه غير آمنة، سواء للشرب أو لغير ذلك من احتياجاتهم اليومية، مع تعرضهم أيضًا للعوامل الجوية بسبب تلف منازلهم ودمارها؛ فضلًا عن تشرد الكثيرين غيرهم.. وقد ترتب على هذا زيادة التعرض للأمراض السارية بسبب الفيضانات في البلد، التي تشمل: (الإسهال المائي الحاد، والملاريا، وحمى الضنك، والتيفوئيد، والحصبة، وعدوى الليشمانيا).
وبيّن "المنظري" أن التقارير تشير إلى ترصد الأمراض الأولية حيث إن حالات الإسهال والملاريا والتيفوئيد قد زادت، وكذلك سوف تزداد مخاطر انتشار الأمراض الأخرى الموجودة في البلد، مثل شلل الأطفال وكوفيد-19؛ ما لم يتم تدارك الأمر سريعًا؛ حيث إن هناك الآلاف من الحوامل اللاتي لم يعد باستطاعتهن الاستفادة من المرافق الصحية وخدمات الوضع الآمن لأطفالهن، بما يزيد من مخاطر تعرضهن لمضاعفات طبية بعد أن أصبحن مجبرات على الوضع في المنزل، أما من يحتاجون للرعاية الطبية من حالات سابقة؛ فستقل فرصتهم في الحصول على تلك الرعاية.
وتابع: على صعيد الدعم النفسي والاجتماعي وخدمات الصحة النفسية؛ فإن هناك عشرات الآلاف -ومنهم أطفال- يحتاجون إليها للتغلب على الضغوط النفسية الناتجة عن الخسائر الهائلة التي تعرضوا لها والدمار الذي يشهدونه.
وأضاف "المنظري": ومع تضرر أو دمار 10% تقريبًا من المرافق الصحية في البلد، بادرت منظمة الصحة العالمية بالتدخل سريعًا لدعم الجهود الجارية لحكومة باكستان ووزارة الخدمات الصحية الوطنية واللوائح والتنسيق؛ لضمان توفر الخدمات الصحية الأساسية للمتضررين من الأزمة؛ مشيرًا إلى أن الهدف هو الحيلولة دون تحول هذه الأزمة الطبيعية إلى كارثة معقدة على الصحة العامة، تؤدي إلى خسائر أكثر في الأرواح يمكن تجنبها.. وعلى مدار الأسابيع القليلة الماضية كثفت الجهود لرصد الأمراض في المناطق المتضررة من الفيضان، وتم إيصال الأدوية الأساسية والإمدادات الطبية ومجموعات الاختبار إلى المرافق الصحية والمختبرات التي ما زالت تعمل.
وأردف: تم توجيه الفِرَق الصحية المتنقلة إلى المناطق المتضررة من الفيضانات لتقديم الخدمات الصحية وخدمات التغذية للحوامل، والنساء اللاتي وضعن قريبًا، وأطفالهن الرضع، والأطفال.
وأقامت الحكومة الباكستانية أيضًا ومنظمة الصحة العالمية والشركاء في مجال الصحة، أكثر من 4500 معسكر صحي، لضمان توفر الخدمات الصحية الأساسية للناس.
وحث "المنظري" المجتمعَ الدولي -وخاصة الدول الأعضاء في إقليم شرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية- على التضامن والعمل من أجل تحقيق رؤية إقليمنا "الصحة للجميع وبالجميع؛ حيث تُواجه باكستان واحدة من أشد الكوارث الطبيعية في التاريخ الحديث، ومع فقدان ملايين الرجال والنساء لمنازلهم وسبل عيشهم؛ ينبغي أن نعمل حتى لا يفقدوا حقًّا آخر من حقوقهم الأساسية؛ ألا وهو الحق في الرعاية الصحية.
وقال "المنظري": باكستان، على الرغم من مواردها المحدودة، كانت من البلدان التي تسارع في تقديم الدعم عندما تواجه البلدان الأخرى الشقيقة في الإقليم أزمات إنسانية، ويشمل ذلك ضيافة باكستان الكريمة للاجئين يصل عددهم إلى 1.3 مليون لاجئ.. ولا شك أن علينا المسؤولية الآن لنتكاتف، ونساعد شعب باكستان في هذا الوقت الذي تشتد فيه حاجتها للدعم.