بعد الانسحاب الروسي من اتفاق الحبوب.. كييف تتحدى موسكو عبر بوابة البحر الأسود

سيناريوهات مقلقة للطرفين.. البدائل مكلفة والأزمة تتفاعل بطلب أوكرانيا ضمانات دولية
بعد الانسحاب الروسي من اتفاق الحبوب.. كييف تتحدى موسكو عبر بوابة البحر الأسود

انتهى، أمس، اتفاق الحبوب بين أوكرانيا وروسيا بقرار روسي أغلق الباب أمام نصف صادرات أوكرانيا من الحبوب.

الاتفاق الذي بدأ في يوليو من العام 2022 كان متعثرًا بعدما شكت موسكو طيلة فترة سريانه من تجاهل تنفيذ بنوده المتعلقة بصادراتها.

هذا التطور دفع بكييف للبحث عن بدائل، فيما خرج الرئيس الأوكراني ليعلن عن استعداد بلاده لمواصلة تصدير الحبوب عبر البحر الأسود.

فهل تنجح كييف في مسعاها؟ وما الطرق البديلة لصادراتها التي تشكّل عوائدها المالية مصدرًا مهمًا لتمول مجهودها الحربي؟

سيناريوهات البحر الأسود

الخبيرة في الشؤون السياسية والاستراتيجية، من كييف، لادا روسليتسكي أوضحت وفق "سكاي نيوز عربية" أن أوكرانيا عازمة على مواصلة تصدير الحبوب التي لم تسرقها روسيا من أوكرانيا من خلال البحر الأسود بالتعاون مع تركيا، معربةً عن أنها تأمل أن يكون هناك تأثير للأمم المتحدة والدول الأخرى في البحر الأسود، والتي هي أيضًا في الناتو، فمن المهم جدًا خروج هذه الحبوب من أوكرانيا؛ لكون 400 مليون شخص يعتمدون على ذلك الغذاء، على حد قولها.

وأشارت لادا روسليتسكي إلى أنه "في ظل التضييق الروسي على صادرات الحبوب الأوكرانية، فإن الطرق البديلة للتصدير مكلفة جدًا، ولوجستيًا، من الصعب تدبيرها، فنقل هذه الصادرات عبر الأنهار أو البحر مكلف أيضًا، فتجربة نقل الحبوب في السنة الماضية عبر نهر" دينيبرو" كان مكلفًا، ونتج عنه تأثير على أسعار الحبوب عالميًا، لكن ربما من أحسن السبل تقديم ضمانات أمنية للسبل الموجودة في البحر الأسود."

وأضافت أن الروس يرهنون البحر الأسود، ويقومون بعمليات اختطاف عبره، ويبثون الخوف من نشوب مجاعة عالمية لتحقيق غاياتهم السياسية.

في المقابل، ومن موسكو، قالت المستشارة السياسية في مركز الدراسات الدولية، إيلينا سوبونينا إن أوكرانيا يمكنها التفكير في البدائل كما تشاء، لكن كان عليها أن تفكر في ذلك من قبل، فتصدير الحبوب عن طريق سكك الحديد مكلف، ولا يسمح بتصدير إلا كميات محدودة من الحبوب، وهذا سيكبد الأوكرانيين خسائر فادحة.

وأضافت سوبونينا: إن الضجة العالمية حول موضوع المساس بالأمن الغذائي وصفقة الحبوب في أوكرانيا، قد انتهت تقريبًا؛ لأنه لا توجد علاقة بين هذين الملفين، وقد قدّمت روسيا أرقامًا مقنعة جدًا تفيد بأن الكمية الأكبر للحبوب في هذه الصفقة متجهة لأوروبا، والمستفيد الأساسي من هذه المادة المصدرة ليست دولًا إفريقية ولا آسيوية بل المضاربين في أوروبا.

وتابعت: "أجرت روسيا مفاوضات مع دول إفريقية عديدة، ووعدت تلك الدول بأن تصدّر لهم الحبوب بطريقة مباشرة، وربما تذهب روسيا إلى أبعد من ذلك من خلال التبرع بكميات معينة من الحبوب لتلك الدول كمساعدة إنسانية".

وبخصوص مدى استفادة أوكرانيا من وقف صفقة الحبوب مع روسيا، سياسيًا، قالت لادا روسليتسكي: إن أوكرانيا لا يمكن أن تستفيد سياسيًا من وقف الصفقة إذا كانت حبوبها عالقة، ولا تصدّر أو تُسرق من قبل روسيا، لكن الرأي العام العالمي يجب أن يعرف أن أكثر من ثلثي البرنامج العالمي الغذائي للأمم المتحدة يعتمد على الحبوب الأوكرانية، فأكثر من 45 دولة تنتقل إليها تلك الحبوب من خلال البوسفور والبحر الأسود، وهنا يجب أن نركز على الدور التركي في تأمين الطرق الملاحية عبر البحر الأسود، وكيف يمكن أن تتعاون مع رومانيا وبلغاريا في هذا الإطار.

وقد قالت لادا روسليتسكي أيضًا في هذا السياق: "إن روسيا لا تكترث بالتسبب في حدوث مجاعة عالمية في سبيل تحقيق أهدافها الإمبراطورية، ومن يشترك في تجويع الأفراد، فهو بالتأكيد مذنب كما أولئك المجرمين، والكرملين يستعمل الغذاء كسلاح حتى ينقل الحرب إلى المستوى الدولي وحتى يحقق ربما أهدافه التوسعية.

وتابعت: روسيا تفعل هذا لأنها تحتاج لرفع العقوبات عنها، وهي اليوم، بتصرفاتها هذه، تقول للعالم إنها قامت بمجازر وسرقت كل المخزون، وتسببت في ظروف خطرة لكل دول الجوار الأوكراني، وأن رفع العقوبات عنها هو السبيل الأنجع لتحقيق السلام في المنطقة.

البطاقة التركية

من جهة أخرى، قالت إيلينا سوبونينا: إن أوكرانيا تراهن على تركيا لإقناع روسيا بالعودة لهذه الاتفاقية، لكن إذا تم ذلك فإن العودة لهذه الاتفاقية ستُفقد الرئيس الروسي شعبيته داخل البلاد.

وأضافت: "قد يذهب زيلينسكي إلى خيارات أخرى غير مسؤولة، كإقناع باخرة ما بالإبحار نحو تركيا ليختبر رد الفعل الروسي كتحرك عسكري مثلًا، وهذا الفعل قد يكون خطيرًا، ومحرجًا بالنسبة لروسيا".

وفيما يتعلق بوضع أوكرانيا الألغام في البحر الأسود، قالت لادا روسليتسكي: إن الألغام البحرية في البحر الأسود اليوم روسية وأوكرانية أيضًا، وهي تمثل خطرًا على الجميع، ولا يجب أن نتحدث عنها الآن، لكن الإحراجات الروسية اليوم عديدة وهي مسألة مهمة فعلًا في هذا التوقيت الدقيق، ويجب أن نهتم بها، فهل يمكن أن تهاجم روسيا سفنًا تجارية بها أغذية بصواريخ ومسيرات، سيكون هذا محرجًا جدًا لروسيا، لكن القفز للحديث عن ملف الألغام الآن غير مناسب، فالسفن كانت تمر على مدى عام وأكثر ولم يحدث أي شيء متعلق بالألغام في هذه المنطقة، ما لم تضع روسيا ألغامًا أكثر.

وردت إيلينا سوبونينا على محاولة أوكرانيا إحراج روسيا بوضعها وجهًا لوجه مع سفن تجارية تحمل مواد غذائية في عرض البحر الأسود، بقولها: "هذا سيناريو متوقع من ناحية أوكرانيا، والأخيرة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار الألغام التي زرعتها في البحر، والتي قد تتسبب في أي وقت في هلاك السفن أيضًا".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org