أزمات وتحديات مربكة ومعقدة تواجه الشعب اللبناني بشكل يومي، يحاولون مرارًا التعايش معها وتوقُّع الأفضل، لكنهم عاجزون ومُكبَّلون أمامها. معاناة يتجرعها اللبنانيون الذين وجدوا أنفسهم في دوامة من الأحداث الخارجة عن السيطرة.
ومن أبرز التحديات التي تواجه اللبنانيين في الآونة الأخيرة أزمة المياه، وشحها، وتلوثها؛ إذ تتجرع أغلب الأُسر اللبنانية مرارة العطش والظمأ في وقت تشتد فيه درجات الحرارة، ويهدد شبح الجفاف أغلب المناطق في لبنان.
هاجمت مجموعة من حزب الله المصور الصحفي (حسن شعبان)، وانهالوا عليه بالضرب المبرح بسبب فيديو الاعتصام في بلدة بيت ياحون جنوب لبنان، الذي ظهرت فيه امرأة تقول: "نحن أقوى حزبين في لبنان (في إشارة إلى حركة أمل وحزب الله)، معنا المال ومعنا السلاح، لكن ما معنا نأكل، ولا نملك نقطة مياه".
وقال الصحفي (حسن شعبان): "عندما كنت عائدًا إلى منزلي في البلدة هاجمني مجموعة شباب، ينتمون إلى حزب الله، وانهالوا عليَّ بالضرب والدعس، وهددني أحدهم وهو من أبناء بلدتي بضربي وقتلي إذا شاهدوني في القرية مرة أخرى".
وعلق (شعبان): "حزب الله لم يعد يحتمل ليس فقط النقد بل أي كلمة توجَّه له. هل حرمان بلدتي من المياه حلال، وباقي الأمور بالنسبة لهم حرام؟ أنا قمت بواجباتي كصحفي ينقل صوت الناس". مؤكدًا أن: "حزب الله يعيش في فقاعة، ويعتقد أن الأمور فيها تسير بشكل طبيعي، لكن الحقيقة عكس ذلك.. وهذه الفقاعة مثقوبة".
وتصاعدت أصوات واحتجاجات أهالي الجنوب اللبناني في الأيام الأخيرة احتجاجًا على أزمات عديدة، من بينها انقطاع المياه منذ 11 شهرًا بحسب ما قاله أحد المعتصمين، كما ارتفعت الأصوات المحتجة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية العامة، التي تعجز الحكومة والقوى السياسية في السلطة عن إدارتها، بما فيها حزب الله وحركة أمل اللذان يمثلان المنطقة.
حذَّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في تقرير لها من أن أنظمة إمدادات المياه في لبنان لا تزال على حافة الهاوية مما يعرِّض صحة ملايين الأشخاص، خاصة الأطفال، للخطر.
ولفت التقرير، الذي جاء تحت عنوان "ﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟﺤﺼﻮل ﻋلى المياه"، الانتباه إلى أن آفاق الحل ستظل قاتمة مع استمرار أزمة الكهرباء التي تسببت جعل ضخ المياه الكافية مستحيلاً، وفي بعض الحالات يؤدي إلى توقُّف عمليات الضخ بالكامل, وقالت المنظمة في بيان: "يتعرض أكثر من 4 ملايين شخص، بينهم مليون لاجئ، لخطر فقدان إمكانية الحصول على المياه الصالحة للشرب في لبنان".
وقالت ممثلة اليونيسيف في لبنان (يوكي موكو): "يتعرض قطاع المياه في لبنان للخراب والدمار بسبب الأزمة الاقتصادية الحالية"، محذرة من أن: "افتقار الوصول إلى إمدادات شبكة المياه العامة قد يجبر الأُسر على اتخاذ قرارات صعبة للغاية فيما يتعلق باحتياجاتها الأساسية من المياه والصرف الصحي والنظافة".
وأشارت المنظمة إلى أن عدم كفاية إمدادات المياه المأمونة يشكل خطرًا كبيرًا على الرضع وصغار الأطفال المُعرَّضين بشكل خاص للإصابة بالأمراض المرتبطة بالمياه والصرف الصحي، وهي أحد الأسباب الرئيسية لوفيات الأطفال دون سن الخامسة.
وفي وقت سابق تصاعدت التحذيرات من انتشار فيروس وبائي جديد في لبنان يُدعى (التهاب الكبد الفيروسي – أ) المعروف بـ(اليرقان)، وحذر نقيب الأطباء (يوسف بخاش) من سرعة انتشار المرض قائلاً إنه: "مرض شديد العدوى، يؤدي في حالات استثنائية إلى قصور في عمل الكبد", وعزا أسباب انتشاره بهذه السرعة إلى نقص المياه الصالحة للشرب، وسوء الصرف الصحي والنظافة العامة.. وشدَّد على أهمية غسل اليدين جيدًا بعد استخدام المرحاض، وقبل تحضير الطعام أو تناوله، واستخدام المياه الموثوقة للشرب، ولنظافة الخضراوات والفاكهة.
ويعيش اللبنانيون الآن على شفا قطرة من الماء متسائلين ومندهشين: كيف يعاني لبنان أزمة جفاف وهو بلد الأنهار والينابيع والمياه العذبة؟!!