لا تزال صافرات الإنذار تدوي في قلب العاصمة الأوكرانية كييف، بعد تعرُّضها لغاراتٍ روسية مكثّفة بطائراتٍ مسيَّرة، وصفته الإدارة العسكرية للمنطقة، بأنه "الهجوم الأكبر الذي يستهدف العاصمة منذ بدء الحرب".
وبينما أكّد الجيش الأوكراني نجاحه في إسقاط 52 من 54 من المسيّرات الروسية خلال عدة هجمات أخيرة، أعلن رئيس بلدية كييف فيتالى كليتشكو، أن الدفاعات الجوية أسقطت "أكثر من 20 طائرة مسيّرة متجهة إلى المدينة".
قصفٌ روسي وصفه خبيرٌ عسكري بالخطوة المهمة من أجل القضاء على ما يُسمى الهجوم المضاد، بينما وصفه آخر بالرسالة الموجهة إلى الغرب بعد ما تردّد حول تزويد أوكرانيا بمقاتلات إف 16، وذلك خلال تصريحاتهما لموقع "سكاي نيوز عربية".
تزامناً مع استعدادها للاحتفال بذكرى تأسيسها، أعلنت أوكرانيا تصديها ليل السبت لسلسلة ضرباتٍ جوية بمسيّرات استهدفت العاصمة كييف، كما استمر الهجوم على شكل سلسلةٍ من الموجات بأعدادٍ كبيرة من المسيّرات.
وهنا يقول أوليغ أرتيوفسك؛ الباحث في الشأن الدولي بمؤسسة "فولسك" العسكرية، إن قصف العاصمة كييف ليس عشوائياً، كما يحاول النظام الأوكراني تصويره، بل يتم استهداف مستودعات الذخيرة والوقود ومناطق الدعم المخابراتي اللوجيستي في كييف.
ويوضح أوليغ أرتيوفسك؛ خلال تصريحاته لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن عملية الاستهداف المكثّف للعاصمة تساعد بشكلٍ كبيرٍ في تعطيل استعدادات أوكرانيا لما تطلق عليه الهجوم المضاد، وبالأخص في ظل الدعم السخي بالعتاد والسلاح من الغرب تجاه الأخير.
عملية الاستهداف المكثّف للعاصمة كييف جاءت أيضاً عقب تصريحات شكر فيها الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي؛ ألمانيا وفنلندا وكندا وأيسلندا باعتبارها دولا حليفة لكييف بعد تسليم شحنات أسلحة جديدة لبلاده، وأكّد "زيلينسكي"؛ أن الدعم سيعزّز الدفاع الجوي وجميع القدرات الدفاعية ضد الاجتياح الروسي.
في حين حذّر وزير خارجية روسيا سيرجى لافروف؛ الغرب من "اللعب بالنار" في حال زوّد أوكرانيا بمقاتلات من طراز إف-16، واصفاً خطط إمداد كييف بهذا النوع من المقاتلات بالتصعيد غير المقبول، وفي ظل القصف المتبادل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، مساء الأحد، أن أنظمة الدفاع الجوي الروسي أسقطت 3 صواريخ من طراز "ستورم شادو" خلال يومٍ واحدٍ.
هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية، أعلنت صد أكثر من 21 هجوماً روسياً خلال الـ 24 ساعة الماضية؛ وقال سيرغى بوبكو؛ رئيس الإدارة العسكرية في كييف، إن المعلومات الأولية أشارت إلى أن الغارة الجوية كانت أكبر هجومٍ بطائرات مسيَّرة على كييف منذ بدء الاجتياح الروسي في فبراير 2022.
وهنا يقول موسيينكو ماتوزوف؛ المتخصّص العسكري بالمعهد الوطني الأوكراني للدراسات، إن الهدف الرئيس لموسكو من القصف المتتالي لكييف هو استنزاف قدرات أوكرانيا الجوية، وما حصلت عليه من صواريخ ومنظومات دفاع جوي.
ويُشير "ماتوزوف"؛ خلال تصريحاته لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى هدف آخر لموسكو يتكرّر من حينٍ لآخر وهو تدمير أي بنية تحتية في العاصمة، ونسف أيّ محاولات استعادة تلك البنية أو ترميمها.
ويؤكّد، أن الهجوم الروسي الأخير على العاصمة الأوكرانية يخرق كل الأعراف الدولية والمواثيق؛ لأنه استهدف مدنيين بشكل مباشر، لكنه أثبت صمود قواتنا التي دمّرت ما يقرب من 40 هدفاً، بحسب بيان وزارة الدفاع.
ويوضح المتخصّص العسكري بالمعهد الوطني الأوكراني للدراسات، أن الاستهداف الأخير سعت موسكو من خلاله أيضاً لكسب وقتٍ في جبهة باخموت، وترتيب صفوفها في ظل حشد أوكراني يتم هناك من أجل محاولة استعادة الأطراف الشرقية من المدينة التي شهدت معارك دموية.