"سرق بيانات ضخمة وحساسة".. هجوم إلكتروني صيني هائل يخترق 80 دولة بينها أميركا وحلفائها

استهدف القطاعات الحيوية والعسكرية
"سرق بيانات ضخمة وحساسة".. هجوم إلكتروني صيني هائل يخترق 80 دولة بينها أميركا وحلفائها
تم النشر في

في خضم التنافس المحتدم بين القوتين العظميين أميركا والصين، وبينما تشتد حرب التجارة، وتهدد أزمة تايوان باندلاع صراع عسكري، شنت الصين في سرية تامة هجوماً إلكترونياً غير مسبوق، فبعد سنوات من الاختراقات المحدودة التي طالت شركات أميركية وشبكات الطاقة، كشفت التحقيقات عن عملية تجسس واسعة النطاق لمجموعة "سالت تايفون" المدعومة من الصين، وبدأ الهجوم قبل سنوات، واستهدف أكثر من 80 دولة مع التركيز على أميركا وحلفائها، وربما تمكن الهجوم من سرقة بيانات شخصية ومعلومات حساسة من كل مواطن أميركي تقريباً، وتكمن خطورة هذا الهجوم في استهدافه للقطاعات الحيوية، مثل شركات الاتصالات والبنية التحتية العسكرية في أميركا والدول المستهدفة، وهو ما يمنح الصين قدرة استخباراتية هائلة على تعقب السياسيين والجواسيس والنشطاء في جميع أنحاء العالم، مؤكداً أن قدرات بكين في مجال الحرب السيبرانية باتت تضاهي قدرات واشنطن وحلفائها.

قرصنة شاملة

ولم يكن هجوم "سالت تايفون" مجرد عملية قرصنة عادية، بل كان بمثابة عملية تجسس منظمة ومستمرة، استمرت لسنوات قبل أن يتم كشفها، وأظهرت التحقيقات التي أجرتها وكالات الأمن السيبراني في الولايات المتحدة، بالتعاون مع حلفائها، أن الهجوم استهدف بشكل ممنهج شركات الاتصالات الكبرى وقطاعات البنية التحتية الأخرى، وقد تجاوزت أبعاده ما كان متوقعاً في البداية، فبدلاً من التركيز على أهداف محددة، كان الهدف هو جمع كم هائل من البيانات الشخصية التي يمكن استغلالها لاحقاً، وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز".

وكشفت سينثيا كايزر المسؤولة السابقة في قسم الأمن السيبراني بمكتب التحقيقات الفيدرالي، أن نطاق الهجوم كان واسعاً لدرجة أنه من الصعب تخيل أن أي أميركي لم يتضرر، وهذه العملية "الواسعة والعشوائية"، كما وصفها المسؤولون الأميركيون والبريطانيون، تهدف إلى بناء قاعدة بيانات شاملة تمكّن المخابرات الصينية من الوصول إلى معلومات حساسة للغاية، مثل سجلات المكالمات، والمراسلات، وتحركات الأفراد.

تداعيات خطيرة

وتكمن خطورة الهجوم في كونه ليس مجرد سرقة للملكية الفكرية أو تصاميم الرقائق كما كان يحدث سابقاً، بل هو اختراق للبنية التحتية الحيوية التي تعتمد عليها الحياة اليومية، واستهداف شركات الاتصالات يمنح المتسللين القدرة على مراقبة شبكات الاتصالات العالمية، وهذا الاختراق لا يهدد الأمن القومي الأميركي فحسب، بل يمتد ليشمل أمن حلفائه أيضاً، فالهجوم الذي طال أكثر من 80 دولة، بما فيها كندا، وألمانيا، واليابان، يظهر أن الصين تستهدف شبكة عالمية من المعلومات.

ويُعدّ هذا الهجوم بمثابة تحذير واضح من أن المنافسة بين القوى العظمى لم تعد تقتصر على المجالات التقليدية كالاقتصاد والجيش، بل انتقلت إلى الفضاء الإلكتروني، ويعكس البيان المشترك الذي وقّعت عليه الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون والآسيويون، محاولة جماعية لفضح الممارسات الصينية ووضع حد لها، وهذه الخطوة، التي تُعرف بـ "فضح وتوبيخ"، هي محاولة لوضع الصين أمام مسؤولياتها والضغط عليها لوقف هذه العمليات.

تحذير عالمي

وأصدرت الأجهزة الأمنية الأميركية والبريطانية بياناً رسمياً مشتركاً لتحذير العالم من خطورة هذا الهجوم، ووصف البيان، الذي شاركت فيه أيضاً كل من كندا، وفنلندا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، وإسبانيا، الهجوم بأنه استهدف شبكات عالمية، بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، الاتصالات، والحكومة، والنقل، والإقامة، والبنية التحتية العسكرية، وهذا التركيز على القطاعات الحيوية يكشف أن الهدف الصيني يتجاوز مجرد سرقة المعلومات التجارية، إلى بناء قدرة على تعطيل البنية التحتية للخصوم في حال اندلاع صراع.

وتبرز هذه العمليات مدى التهديد المتنامي الذي تشكله الصين في الفضاء السيبراني، وإذا كانت المخابرات الصينية قادرة على سرقة بيانات من كل مواطن أميركي تقريباً، فما الذي يمكن أن تفعله في المستقبل لزعزعة الاستقرار أو شن هجمات أكثر تدميراً؟ هل ستكون الولايات المتحدة وحلفاؤها قادرين على مواجهة هذا التهديد الرقمي المتطور؟

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org