في محاولة لتجنُّب الخطأ الذي أضر بمسيرة هيلاري كلينتون في انتخابات 2016، تحرص حملة المرشحة الديمقراطية المحتملة، كامالا هاريس، على منح ولايات ميشيغان، وبنسلفانيا، وويسكونسن، الواقعة في المنطقة المعروفة بحزام الصدأ، مزيدًا من الاهتمام؛ لحصد أصوات ناخبيها المؤثرة.
وبحسب تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية، يركز الديمقراطيون على ولايات حزام الصدأ، ويعتبرونها ساحة معركة حقيقية؛ إذ كان لها تأثير في خسارة المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون أمام ترامب في 2016، كما كان لها دور بارز في فوز بايدن في 2020.
وقبل وقت قصير من انسحاب بايدن من السباق الرئاسي وضع فريق حملته مذكرة توضح أن الفوز في ولايات حزام الصدأ المتأرجحة "أوضح طريق" لهزيمة ترامب.
ومع أن ولايات حزام الصدأ ساندت بايدن في انتخابات 2020 إلا أن بعض الاستراتيجيين الديمقراطيين يرون أنها يمكن أن تُشكِّل ساحة انتخابية صعبة لهاريس في انتخابات نوفمبر المقبل، على نحو ما حدث مع كلينتون.
وبحسب الصحيفة، فإن من بين كل الدروس التي تعلمتها حملة هاريس من تجربة كلينتون قبل 8 سنوات كان الحديث عن أن تأمين وتوفير الوظائف أفضل من الحديث عن الأسلحة في ولايات مثل ميشيغان، وبنسلفانيا، وويسكونسن.
وفي المقابل، يراهن ترامب على ولايات حزام الصدأ؛ إذ اختار جي دي فانس، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية أوهايو، مرشحًا لمنصب نائب الرئيس.
وينحدر فانس من ولايات حزام الصدأ، وسبق أن تطرق إلى حياة سكانها من خلال كتابه "مرثية هيلبيلي"، الذي سرد فيه جانبًا من سيرته الذاتية، ومن نضالات الطبقة العاملة البيضاء.
ويشير فانس في كتابه إلى أن الأشخاص الذين يعيشون في حزام الصدأ عالقون في حلقة مفرغة من الفقر والمخدرات والعنف.
وتشير الصحيفة إلى أن ترامب يعول على فانس، بالرغم من أن الأخير فشل في التواصل مع الجماهير في التجمعات الأخيرة؛ ما قد يسبب للرئيس الأمريكي السابق بعض الندم على اختياره.
ورجّحت الصحيفة أن تتجه هاريس إلى المسار ذاته، وأن تختار جوش شابيرو، حاكم بنسلفانيا الواقعة في منطقة حزام الصدأ، مرشحًا لمنصب نائب الرئيس، وذلك قبل تجمع انتخابي لها في الولاية ذاتها الثلاثاء المقبل.
ورجحت تقارير صحفية أن ينافس حاكم مينيسوتا تيم فالز، وحاكم كنتاكي آندي بيشير، على منصب نائب الرئيس، وأشارت إلى أن أيًّا منهما يمكن أن يُشكِّل دفعة جيدة في الدوائر الانتخابية الرئيسية في حزام الصدأ للديمقراطيين، لكن خبراء يرون أن شابيرو يتمتع بتأثير أكبر.
وبرأي هؤلاء، فإن جاذبية شابيرو تكمن في معدلات تأييده القوية حتى بين بعض الجمهوريين، وفي انتصاره على دوغ ماستريانو، بفارق كبير في سباق حاكم الولاية قبل عامين.
وفي سياق اهتمامها بولايات حزام الصدأ، عينت هاريس حاكمة ميشيغان، غريتشن ويتمر، رئيسًا مشاركًا لحملتها الانتخابية بعد أن تنازلت عن المنافسة على منصب نائب الرئيس.
وبرأي الصحيفة البريطانية، ستشكل ويتمير رصيدًا إضافيًّا في إبقاء حملة هاريس تركز على القضايا التي تهم الناخبين في الغرب الأوسط الأمريكي، بعد أن هزمت مرشحًا مدعومًا من ترامب عام 2022، بينما سيطر الديمقراطيون على المجلس التشريعي لولاية ميشيغان لأول مرة منذ 45 عامًا.
وتشير الصحيفة إلى أن كل تلك التحركات بمنزلة اعتراف ضمني بمدى الخطأ الذي ارتكبته حملة هيلاري كلينتون عام 2016؛ إذ كانت أول مرشحة رئاسية ديمقراطية منذ أواخر الثمانينيات تخسر في الولايات الثلاث.
وركزت حملة كلينتون على الناخبين في المناطق الحضرية، وأهملت في كثير من الأحيان مطالب البيض في الريف، وكذلك مطالب الطبقة العاملة.
واشتكى مسؤولو النقابات من أن حملة كلينتون لم تعمل بنصيحة أوصت بضرورة تركيز الحديث في ولايات حزام الصدأ عن توفير وحماية الوظائف التي يشعر الناخبون هناك بأنهم فقدوها بسبب إهمال القطاع الصناعي في مناطقهم.
وفي المقابل، استغل ترامب "مظالم" حزام الصدأ من خلال الوعد بإعادة العمل على إعادة وظائف التصنيع لسكان تلك المناطق.
وقاد أداء بايدن في المناظرة التي جمعته مع ترامب في يونيو الماضي إلى بروز مخاوف وسط أعداد مؤثرة من الناخبين في ولايات حزام الصدأ؛ ما هدَّد فرص فوزه هناك.
ولكن سرعان ما حققت هاريس مكاسب ضد ترامب في جميع الولايات السبع المتأرجحة باستثناء واحدة. كما أظهر أحد الاستطلاعات أن أداءها أفضل من بايدن في حزام الصدأ.
ووضع استطلاع آخر هاريس في المقدمة بـ11 نقطة في ميشيغان، ونقطتين في ويسكونسن، على الرغم من أنها تتخلف عن ترامب بأربع نقاط في بنسلفانيا.
وتبدو هاريس أفضل من بايدن في مسألة جذب الناخبين السود إلى صناديق الاقتراع، وهو أمر أساسي للفوز بولاية ميشيغان على وجه الخصوص، كما أنه مهم أيضًا في ولايتي ويسكونسن وبنسلفانيا.
ومن المتوقع أيضًا أن تثبت هاريس أنها مدافعة فعالة عن حقوق الإجهاض أكثر من بايدن؛ إذ تعد الحقوق الإنجابية القضية السياسية الأكثر أهمية بالنسبة لـ15% من الناخبين في ولاية ويسكونسن.
وبرأي الصحيفة البريطانية، يمكن أن تثبت هاريس أيضًا ميزة إضافية في ميشيغان؛ إذ أدى دعم بايدن لحرب إسرائيل في غزة إلى فقدانه عددًا كبيرًا من الناخبين العرب والمسلمين في الولاية.
وصوَّت أكثر من 100 ألف شخص بـ"غير ملتزم" في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي بالولاية في فبراير الماضي احتجاجًا على موقف بايدن، الذي فاز بولاية ميشيغان عام 2020 بفارق 154 ألف صوت فقط.
وتشير الصحيفة ذاتها إلى أن سِجل هاريس في حرب غزة أقل إثارة للجدل؛ إذ تدعم إسرائيل، لكنها تبدو أكثر انفتاحًا من بايدن في انتقادها لاستراتيجيتها العسكرية في غزة، كما أنها دانت مقتل "عدد كبير جدًّا من الفلسطينيين الأبرياء".