المتطوعون في أوكرانيا.. متعاطفون من دول العالم أم جيش مرتزقة ممول؟

المتطوعون في أوكرانيا.. متعاطفون من دول العالم أم جيش مرتزقة ممول؟

خط تماسٍّ وضعته الدول الغربية ومن ورائها حلف شمال الأطلسي "الناتو"، منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية، يُنذر تخطيه، عبر أي تدخل عسكري رسمي على جبهات القتال، بتحول الأزمة من نزاع إقليمي إلى حرب عالمية مدمرة.

ويبدو أن الرئيس الأوكراني، ومعه مستشاروه وزعماء غربيون، قرروا اللجوء إلى "التطوع" ليفتحوا بابًا واسعًا أمام مشاركة مقاتلين محترفين ومستمرين في المعارك الدائرة بمدن أوكرانيا أمام القوات الروسية.

وفي 28 فبراير الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الأوكرانية أن الرئيس فولوديمير زيلينسكي، أنشأ وحدة جديدة باسم الفيلق الدولي، وهي قوات قتالية ستتشكل من المتطوعين من خارج أوكرانيا، للمشاركة في الحرب.

"تفاوت عددي"

يحتل الجيش الأوكراني المرتبة الـ22 عالميًّا بقوام جيش يتكون من 450 ألف جندي، في مقابل خصمه الروسي الذي يُعد ثاني أكبر قوة عسكرية في العالم، والذي لديه 1.1 مليون جندي في قواته المختلفة؛ بحسب "سي إن إن".

ويوضح هذا التفاوت القلةَ العددية للجنود الأوكرانيين، والتي تنصبّ في صالح روسيا، وتشير أيضًا إلى قلة عدد المتمرسين في مواجهة قوات روسية كانت منذ وقت قريب على جبهات القتال في سوريا.

"تسليح يحتاج لمتمرسين"

وأغدقت الدول الغربية والناتو، جبهات قتال الحرب الأوكرانية الروسية بالمزيد من الأسلحة عالية الدقة.

وبحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية؛ فإن مصادر داخل الحكومة الألمانية قالت إن برلين تُخطط لدعم كييف بنحو 2700 صاروخ ستيريلا سوفييتي الصنع مضاد للطائرات، وإن الأمر متوقف فقط على قرار مجلس الأمن الألماني الاتحادي.

وأشارت إلى أن قمة زعماء الناتو الأخيرة، أسفرت عن تعهد عشرات الدول الغربية بتلبية طلبات الرئيس الأوكراني لدعم مقاومة بلاده ضد الهجمات الروسية بالمزيد من الأسلحة.

وأشارت إلى أن واشنطن تعهدت بتقديم 350 مليون دولار كمساعدات عسكرية، بالإضافة إلى 650 مليون دولار تعهدت بتقديمها خلال العام الماضي.

وأعلنت برلين الأسبوع الماضي، أنها سترسل 1000 سلاح مضاد للدبابات و500 صاروخ ستينجر إلى أوكرانيا، ثم أعلنت عن إرسال شحنة إضافية تشمل 2700 صاروخ إضافي مضاد للطائرات.

وأرسلت واشنطن صواريخ ستينجر المضادة للطائرات، والتي لها ذكريات سيئة مع الروس في معارك أفغانستان خلال السبيعنيات؛ إذ استلم الأوكرانيون أكثر من 200 صاروخ.

وتأتي الشحنات كجزء من حزمة مساعدات لأسلحة فتاكة وغير فتاكة أعلن البيت الأبيض عنها؛ بحسب "سي إن إن".

وربما كان هذا التسليح عالي الدقة والضخم نسبيًّا، يحتاج لأيادٍ خبيرة قادرة على استعماله، وهو ما قد لا يتوفر بشكل كبير في الجنود الأوكرانيين، ويوفره باب التطوع عبر الفيلق الدولي.

"تطوع أمريكي"

وفي خبر لافت، كشفت وكالة الأنباء الأوكرانية "يوكرينفورم"، عن تطوع 3 آلاف أمريكي للمشاركة في الحرب الدائرة أمام الجارة روسيا.

وقالت الوكالة: إن المتطوعين الأمريكيين، يستعدون لمواجهة قوات روسيا ضمن كتيبة دولية.

ومثل هذا الخبر، قد يثير شكوك موسكو، حول دخول مرتزقة أو ربما مقاتلين متمرسين على استخدام الأسلحة عالية الدقة أو الفتاكة التي يمكن أن تُغَيّر دفة المعركة ميدانيًّا؛ إذ ترى موسكو في واشنطن المحرك الأكبر في دعم كييف ضدها.

ويزيد من الشكوك ما تَقدم به الدبلوماسي الأمريكي السابق، فيليب إس كوسنيت، عبر موقع مركز تحليل السياسة الأوروبية (CEPA)، من اقتراح يثير عداوة قديمة بين الروس والأفغان؛ إذ طالَبَ بتشكيل فيلق من قوات الأمن التابعة للحكومة الأفغانية السابقة، الذين تم إجلاؤهم من بلادهم بعد وصول حركة طالبان لسدة الحكم، للقتال في أوكرانيا.

وقال "كوسنيت" بشكل واضح: إن الحرب الأوكرانية الروسية، تجعل الجيش الأمريكي يشعر بوجوب إرسال قوات على غرار الحرب الباردة، قائلًا: "قد نجد في الأفغان حلًّا للمشكلة".

"حصيلة المتطوعين"

وأعلنت قناة عمليات القوات المسلحة الأوكرانية عبر "تليغرام"، عن حصيلة المتطوعين الراغبين في المشاركة بالمعركة ضد روسيا حتى الآن؛ إذ بلغ 16 ألفًا.

وقالت: إن الحصيلة تضم أعدادًا كبيرة من المحاربين القدامى الذين شاركوا في معارك بالعراق وغيرها من النقاط الساخنة حول العالم.

"جيش من المرتزقة"

سيناريو كارثي قد يواجهه العالم من وراء فتح باب التطوع؛ هو تحول أوكرانيا لأرض تعج بالمرتزقة من كل الجنسيات، فتسريب مجلة "التايم" الأمريكية، عن مخطط إنشاء جيش من المرتزقة في أوكرانيا؛ ليس ببعيد، والذي نشرته يوليو 2021.

وقالت: إن رئيس شركة "بلاك ووتر"، إريك برنس، يخطط لتشكيل جيش من المرتزقة في أوكرانيا، يضم قدامى المحاربين في أوكرانيا عبر شركة عسكرية خاصة، يمكنها أن تجلب 10 مليارات دولار.

وذكرت المجلة أن مشاريع "برنس" من شأنها أن تمنحه دورًا محوريًّا في الصناعة العسكرية الأوكرانية وصراعها المستمر مع روسيا.

التسريب السابق ربما لا يوحي بأن الاستعانة بالمرتزقة أمر حتمي؛ لكنه يفيد بأن مثل تلك السيناريوهات جاهزة ومعدة مسبقًا، وعند أوقات الضرورة والضغط يمكن اللجوء إليها.

"اعتراض إفريقي"

وفي خطوة تشير لقرب تنفيذ سيناريو المرتزقة، أبدت دولة السنغال استياءها من دعوة سفارة أوكرانيا في داكار لتجنيد مقاتلين، انطلاقًا من أراضيها للمشاركة في الحرب ضد روسيا.

وتأتي خطوة الرفض الدبلوماسي من داكار، عقب الإعلان عن تجنيد 36 شخصًا من البلاد للمشاركة في القتال أمام الروس، بحسب "فرانس برس".

"تمويل عبر التبرعات"

وتتلقى السلطات الأوكرانية دعمًا موجهًا للأعمال العسكرية؛ إذ أرسل المواطنين في أقل من 24 ساعة، عبر التحويلات 200 مليون هريفنا؛ أي ما يعادل أكثر من ستة ملايين دولار؛ وفق ما ذكره نائب رئيس الوزراء وزير التحول الرقمي في أوكرانيا ميخائيل فيدوروف، في 24 فبراير الماضي.

فيما أعلنت شركة الذخيرة الأمريكية AMMO، ومقرها ولاية أريزونا، تبرعها بمليون رصاصة للقوات الأوكرانية، استجابةً لدعوات من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للحصول على مزيد من الذخيرة.

"مصادر مجهولة"

واستعانت أوكرانيا بالعملات المشفرة، كأداة عابرة للحدود، في جمع التبرعات واستخدامها في التمويل العسكري؛ إذ أنفقت 15 مليون دولار من التبرعات "المشفرة" على إمداد الجيش في مواجهة روسيا؛ وفقًا لما ذكره نائب وزير التحول الرقمي في أوكرانيا، أليكس بورنياكوف.

ومن المتوقع أن تتضاعف هذه النوعية من التبرعات خلال الأيام المقبلة، والتي حصلت عليها عبر عملتي بيتكوين وإيثريوم؛ وفقًا لما ذكرته "بلومبرغ"؛ خاصة أنه يصعب تعقب مصادرها؛ مما سيجعل الجهات الممولة للمتطوعين مجهولة، ويزيد من ضبابية مشهد المعارك في أوكرانيا، والتي لا يعرف أحد كيف ستنتهي.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org