أصبح تهديد تنظيم حزب الله الإرهابي متطورًا أكثر مما كان عليه في السابق، ولم يعد مقتصرًا على مهمته المُدَّعاة "محو إسرائيل"، وبات من الواجب الاعتراف بهذا التهديد على النطاقَيْن العربي والعالمي، ولم يعد من الممكن اعتبار حزب الله أداة إيرانية ومنظمة إرهابية فحسب؛ بل أصبح يشكِّل حاليًا قوة عسكرية ومنظمة إرهابية مارقة على مستوى العالم، بل شبكة معقدة للإجرام وغسل الأموال.
ففي عام 2009 كشفت "مصلحة تنفيذ قوانين الهجرة والجمارك" الأمريكية عن سلسلة من المخططات الإجرامية لحزب الله الإرهابي في داخل الولايات المتحدة، تنوعت بين أجهزة الكمبيوتر المحمولة المسروقة، وجوازات السفر، وأجهزة الألعاب، وبيع العملة المسروقة والمزورة، وشراء الأسلحة.. وكذلك مجموعة واسعة من أنواع الدعم المادي الأخرى؛ ما يشير إلى توسُّع نطاق الأنشطة الإجرامية لحزب الله الإرهابي.
ويلعب كبار مسؤولي حزب الله الإرهابي أدوارًا عملية في تخطيط العديد من الجرائم وتنفيذها. ووفقًا للمحققين الأمريكيين، فقد دل اتباع الخيوط الهشة في العديد من الحالات الأخيرة بصورة مباشرة على اتهام ممثل حزب الله الإرهابي في إيران عبدالله صفي الدين، وهو ابن عم حسن نصر الله الأمين العام للحزب، ويُعتبر أحد أهم رجال المال في حزب الله.
وتتراوح قيمة العائدات التي يجمعها الحزب بشكل عام بين 20 و30 مليون دولار، يجنيها سنويًّا عن طريق صناعة الاحتيال غير المشروعة في الولايات المتحدة وحدها.
فيما ارتبطت أسماء على صلات بالحزب الإرهابي مع مجموعة واسعة جدًّا من الجرائم، بدءًا من المخدرات، وصولاً إلى مبيعات السيارات المستعملة دوليًّا، ومن غسل الأموال إلى شركات مشتريات وهمية.
في شهر ديسمبر من عام 2015 نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" خبرًا عن اكتشاف شبكة تهريب دولية، تمتد من كولومبيا إلى أوروبا، تقوم بغسل أموال المخدرات. كما للشبكة صلات بحزب الله، إضافة إلى مجموعة قضايا عن مشتبه بهم، اعتُقلوا في ليتوانيا، وفرنسا، والولايات المتحدة. فيما يستخدم الحزب مجموعة متنوعة من الوسائل لجني الأموال النقدية، ونقلها، وإخفائها بمساعدة رجال أعمال وشركات إجرامية مختلفة، تخفي مصادر تمويلها.
إضافة إلى مجموعة الشبكات الإجرامية المنظَّمة، فقد ارتبط اسم "حزب الله" بمجموعة عمليات إرهابية في قبرص، والفلبين، وعلى طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية، إضافة إلى غسل الأموال في منطقة الحدود الثلاثية، وولاية كارولينا الشمالية، وبلجيكا، وسيراليون، وتهريب المخدرات والممنوعات الأخرى في كندا، وكولومبيا، وألمانيا، وإفريقيا.
وكشف تقرير لمؤسسة واشنطن للدفاع عن الديمقراطيات عن استخدام حزب الله أرباح تهريب المخدرات لشراء سلع فاخرة، يتم تهريبها إلى لبنان، وبيعها مرة أخرى بمساعدة عميد في الجمارك في عملية تُعرف باسم "عملية الأرز"؛ لغسل أموال المخدرات من أمريكا الجنوبية.
وأكد التقرير أن جماعة حزب الله الإرهابية ليست مجرد منظمة إرهابية ودولة داخل الدولة في لبنان، أو ذراع إيران هناك فقط، بل هي أيضًا شبكة من الأتباع، نشأت وتسللت داخل مجتمعات في أمريكا الجنوبية وإفريقيا وأوروبا، ويديرون تجارة عالمية في السلع القانونية وغير القانونية، ويجرون المعاملات المالية بطرق تآمرية.
كما تحدَّث التقرير عن وثائق قضائية حول كيفية عمل ما أسماه "الصفقات الثلاثية المثيرة"؛ إذ ينظِّم حزب الله نقل وبيع الكوكايين من العصابات في كولومبيا إلى الخارج؛ ويجني بذلك 200 مليون دولار شهريًّا، ثم تُهرَّب هذه الأموال لتجار السيارات المستعملة في غرب إفريقيا الذين قاموا بدورهم بشراء سيارات بصورة قانونية للسوق الإفريقي من مئات التجار في الولايات المتحدة وأوروبا، ومن بعدها تذهب بعض عائدات البيع إلى بيروت حيث يتم شراء سلع استهلاكية من شركات مختلفة، تعمل نيابة عن شركات واجهة في أمريكا الجنوبية، ثم تباع في كولومبيا وفنزويلا، على أن تعود الأرباح بعد ذلك لعصابات الكوكايين مرة أخرى بعد أن تطرح منها العمولات.
وعلى صعيد متصل تحدَّث التقرير عن أن مواجهة هذه الأنشطة لحزب الله ستكون ضرورية للبنك المركزي اللبناني والرئيس اللبناني والحكومة التنفيذية؛ لأنها ستكون في الغالب شروطًا مسبقة للحصول على المساعدات الغربية للبلد المفلس الذي سلب فيه الأقوياء الدولة.