جاءت الميزانية العامة للمملكة للعام المقبل (2021) بأرقام تعكس حجم الجهد الذي بذلته حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، من أجل بناء اقتصاد قوي وراسخ، قادر على مواجهة كل التحديات، وتحقيق كل تطلعات رؤية 2030 التي وعدت الجميع بوطن نموذجي في كل شيء، وبخاصة في الاقتصاد، وقد كان لها ما سعت إليه.
وأقر مجلس الوزراء، الثلاثاء، برئاسة خادم الحرمين الشريفين الميزانية بإيرادات بقيمة 849 مليار ريال، مقابل إنفاق 990 مليار ريال، هو ما يشير إلى أن هناك عجزًا متوقعًا بنحو 141 مليار ريال، يمثل 4.9 % من الناتج المحلي الإجمالي.
ويمثل بيان الميزانية بما تضمنه من أرقام مبشرة، تبعث على التفاؤل والأمل في غد مشرق، استمرارًا لنهج الحكومة في الإفصاح المالي والشفافية، ومصارحة المواطنين بكل الحقائق المالية التي تخص الميزانية، هذه الشفافية تعد إحدى الركائز في عملية تطوير إعداد وتنفيذ الميزانية العامة للدولة، ورفع كفاءة إدارة المالية العامة.
وهذه ليست المرة الأولى التي تتبع فيها المملكة مثل هذه السياسة، فمنذ عقود مضت، والمملكة تتبع أقصى درجات الشفافية والوضوح في الإعلان عن أرقام الميزانيات على الملأ بكل صراحة، في حرص منها على إشراك المواطن في مثل هذه الأمور، ليكون على بينة بما تم إنجازه، ومعرفة مخططات البلاد للنهوض بالوطن، فالمواطن يمثل ذراع التنمية، الذي لابد أن يعلم كل شيء بوضوح تام.
مراحل الجائحة
تبقى ميزانية العام المقبل، لها ظروفها وطبيعتها الخاصة جدًا، لأنها تواكبت مع جائحة كورونا، وما أسفرت عنه من تداعيات مدمرة لاقتصادات الدول الكبرى، وعلى الرغم من ذلك، كانت المملكة مثالاً يُحتذى به في التعامل مع هذه الجائحة بكل مراحلها، فضلاً عن أنها حققت أقل نسبة خسائر ممكنة من وراء هذه الجائحة.
ولم يكن للمملكة أن تحقق مثل هذا الأمر، لولا رؤية 2030 التي نجحت في تعزيز الاقتصاد السعودي وتقويته باستحداث قطاعات اقتصادية جديدة، تدر على البلاد دخلاً ثابتًا، يجنب البلاد تأثيرات ذبذبة أسعار النفط من جانب، ويكون عونًا للبلاد في أوقات الأزمات، وليس هناك أزمة أخطر من جائحة كورونا، التي أثبتت فعليًا الجدوى من الرؤية وما جلبته للبلاد من نمو وازدهار.
تأثير الرؤية
يمكن القول إن رؤية المملكة 2030 تمثل مرحلة تحول رئيسة للاقتصاد السعودي، وانطلاقة جديدة نحو المستقبل، حيث قامت الحكومة خلال السنوات الماضية في تنفيذ برامج تحقيق الرؤية، والإصلاحات الهيكلية والاقتصادية والمالية، والمبادرات لتنويع القاعدة الاقتصادية، وقد أسهمت هذه الإنجازات في تعزيز قدرة الاقتصاد على الصمود وقت الأزمات. وهو ما أشار إليه خادم الحرمين الشريفين صراحة في الكلمة التي ألقاها في مجلس الوزراء عندما قال: "المملكة جزء من العالم تؤثر في الأحداث والظروف العالمية وتتأثر بها، ولم تكن بمعزل عن آثار الأزمة في جانبي المالية العامة والاقتصاد، فقد أثرت الجائحة في نشاط الاقتصاد المحلي، بالإضافة إلى الآثار السلبية للركود الاقتصادي العالمي، وانخفاض الطلب خصوصًا في أسواق النفط التي شهدت انخفاضًا حادًا في الأسعار".
وتابع يحفظه الله "إن هذا العام كان صعبًا في تاريخ العالم، وقد أدت التدابير الصحية والمبادرات المالية والاقتصادية التي اتخذناها والإصلاحات التي أتت مع إقرار رؤية المملكة (2030) إلى الحد من الآثار السلبية على المواطنين والمقيمين في المملكة وعلى اقتصادنا، وكل ذلك بتوفيق من الله، ثم بتكاتف المواطنين والمقيمين في بلادنا، الذين لا يفوتني بهذه المناسبة شكرهم على دورهم الإيجابي في مواجهة هذه الجائحة وتحمل أعبائها".