عبر استقصاء حول حملات نقل العمرة التي تنشر إعلاناتها بشكل متكرر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو تلك التي تفتح مكاتب لها في قرى ومدن، تكشّف لـ"سبق" أن بعض هذه الحملات لا وجود لها إلا عن طريق رقم "واتساب" يتم استبداله بشكل دوري يديره وافدون ويقومون بتجميع الحملات في عدد من محافظات منطقة جازان.
وتفصيلًا، كشفت "سبق" في استقصاء قامت به حول مدى استكمال تراخيص حملات نقل العمرة من قِبَل الجهات المعنية أن مجموعة من المكاتب لا تملك ترخيصًا من وزارة النقل، وكذلك أخرى تمارس نشاطها بشكل مخالف، وتحصّل مبالغ دون أن تكمل تراخيصها؛ لكن الأغرب في تلك الحملات التي تنقل المعتمرين؛ هو أنه لا مكتب لها، فالوصول لهم بمراسلتهم عبر رقم "واتساب" فقط، ومن ثم يتم التنسيق لموقع يتم الالتقاء فيه ونقل المعتمرين إلى مكة!
وتَبيّن لـ"سبق"، أن القائمين على حملات "واتساب" عدد منهم وافدون عرب، بعضهم يجمعون الركاب تحت مظلة مؤسسات مرخصة لسعوديين، ويستفيدون من اسمها بتسجيل أحد الحافلات، ويستثمره الوافد، حسب اعتراف أحد الأجانب خلال نقاش بينه وبين ملاك الحافلات الآخرين.
ورصد الاستقصاء ما يقارب 14 حملة عمرة؛ حيث تكشفت من خلاله العديد من الوسائل التي يعتمد عليها المخالفون، وأولها: تجميع المعتمرين في محطات النقل الجماعي أو محطات البنزين أو بالقرب من إحدى المؤسسات المرخصة لإيهام الركاب باعتمادهم، وكذلك في حالة التستر وإدراج حافلة ضمن ملكية مؤسسة والعمل عليه من قِبَل وافدين؛ وبذلك يتم جمع الركاب في المؤسسات ذاتها، وهو ما اتضح من خلال مشادة لسانية بين وافد ومواطن وفضح المستور، وينتظر تأكيده وضبطه من قِبَل الجهات ذات الاختصاص.
ومن تلك الملاحظات؛ أن مجموعات من الحافلات يعمل على متنها طاقم أجنبي في الأغلب، وهو الأمر الذي يستلزم جولات مراقبة للتوطين أو تخصيص موظف من التفتيش عند النقاط.
وكشف أحد ملاك مؤسسات العمرة المرخصة في جازان لـ"سبق"، أن عددًا من الحملات المخالفة تَسَبّب في التضييق عليهم في أرزاقهم وقال: "نحن الذين أتممنا الاشتراطات بشكل كامل وأصدرنا تراخيصنا؛ إلا أن المعتمرين تسربوا منا بفعل غير المرخصين الذين لم يرتبطوا بتكاليف كبيرة وقدموا باقات سفر سهلة؛ مؤكدًا أن التلاعب الذي رصدته "سبق" يُعد سوقًا سوداء خلفية تنهك السوق المرخصة؛ مبينًا أن المخالفين حتى في اشتراطاتهم لتراخيص النقل يعتمدون في الواقع على حافلات بموديلات قديمة جدًّا تتجاوز أعمارها العشر سنوات، وأحيانًا غير التي يتم تسجيلها لدى النقل!
ومن جهته، قال مدير إدارة النقل بفرع وزارة النقل بمنطقة جازان لـ"سبق": "بالنسبة لمكاتب العمرة غير المرخصة؛ تم في السابق مخالفتهم وإغلاق معظمهم بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة (البلدية والشرطة) ولنا حملات مستمرة في ذلك".
وعن المكاتب التي رصدتها "سبق" في استقصائها، قال: "أغلب المكاتب المذكورة تم اتخاذ اللازم حيالها، وسوف نعطيكم تفاصيل بشأنها لاحقًا"؛ مبينًا أن المكاتب غير المرخصة وتشتغل عبر الجوال أغلبها "عرب"، وعمل لهم ضبط أمني في مركز أمن نقطة الحمراء بالدرب، أيام محددة من كل أسبوع بالتزامن مع موعد انطلاقهم من مدينة جازان، وحاليًا تم إسناد مخالفات النقل البري إلى شركة تحكم لضبط المخالفات في نقطة أمن الدغارير والحمراء، وهم مرتبطون مباشرةً بهيئة النقل العام.