عودة الأكاديمي

عودة الأكاديمي

إن أول ما يتبادر إلى الذهن عند سماع مفردة "أكاديمي"، شخص يعمل في الجامعة باحثاً ومعلماً للأجيال؛ ذلك الشخص الذي كرّس حياته لتغذية العقول وتنويرها، صديقه الكتاب وبيته المكتبة، إنتاجه الفكري غزير وأبحاثه تنشر في أعرق المجلات العلمية، لا يفرغ من بحث حتى ينغمس في بحث آخر؛ ولكن مع الأسف يقول الواقع: إن غالبية أصحاب الشهادات العليا -وخاصة الدكتوراه- تَوَقّف إنتاجهم الفكري عند آخر ورقة كتبها كل منهم في بحثه، والدليل واضح، وهو أن الغالبية العظمى منهم لا يزال أستاذاً مساعداً!!

السؤال هنا: لماذا تَنَحّى الأكاديمي عن مهنته الأساسية؟ ولماذا هناك الكثير من الأكاديميين اتجهوا للعمل الإداري؟

يمكن القول: إن الأكاديمي تَنَحّى عن مهنته بسبب عدم حصوله على الدعم الكافي؛ فهو يرى أنه قد أفنى شبابه في تحصيل العلم، وفي المقابل فإن التحفيز المادي والمعنوي قد لا يتوازى مع الجهد المبذول. وقد يجد في الانتقال للمجال المهني إشباعاً لهذه الحاجة.

تنحي الأكاديمي عن مهمته الأساسية والبحث عن المناصب الإدارية هو أيضاً أحد الأسباب التي لها أثر سلبي من ناحيتين: الأولى أنه ابتعد عن البيئة التي من المفترض أن يكون فيها، والثانية أنه اتجه إلى مكان قد لا يُتقنه، وهنا لا تكون لشهادته العلمية أي قيمة حقيقية، ومع الأسف هناك الكثير من الوظائف القيادية التي يشغلها أكاديميون، وقد لا يفقهون في الإدارة شيئاً؛ فالكفاءة الإدارية حقيقة لا تُقاس بالشهادة العلمية والشواهد كثيرة في هذا المجال.

مجمل القول: عودةُ الأكاديمي للعمل في المجال الذي يتقنه (البحث والعمل الأكاديمي الإثرائي)، وترك الوظائف الإدارية للمهنيين المتخصصين؛ من شأنه الحصول على الحُسنَييْن معاً؛ الأولى تفرّغ الأكاديمي لعمله الذي أُعِد له، والثانية إتاحة المجال للكفاءات الإدارية من غير الأكاديميين للحصول على وظائف قيادية.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org