"الدبلوماسية الهادئة" و"النفس الطويل" أسلوب المملكة في إدارة الأزمات.. "برلين" تعتذر

لا مراهقة سياسية ولا وصاية تُرضخ السعودية.. السويد وأسبانيا وألمانيا.. من التالي؟
"الدبلوماسية الهادئة" و"النفس الطويل" أسلوب المملكة في إدارة الأزمات.. "برلين" تعتذر

أظهرت نبرة بيان "برلين"، الذي صدر أمس على لسان وزير الخارجية الألماني، وما أبداه من رغبة واضحة في بذل كل الجهود لتعزيز العلاقة وتكثيف التعاون مع السعودية في مختلف المجالات ورحّبت به الأخيرة؛ لعمق العلاقة الاستراتيجية بين الجانبين ودورهما في المنطقة وسعيهما نحو الاستقرار؛ أظهرت مكانة السعودية في العالم ودورها في منطقة الشرق الأوسط، وضبطها للتوازن بين مصالحها وعلاقتها مع الدول الأوروبية، عبر دبلوماسيتها الدافئة الهادئة القائمة على تبادل المصالح.

ترتكز المملكة في علاقاتها الخارجية على عدم التدخل في سياسات الأصدقاء ومد جسور علاقتها على عدم اقتحام تلك الدول للشؤون الداخلية وخصوصيتها؛ فأعلنت ألمانيا قبل أسبوع استئناف بيع السلاح قبل البيان المشترك الذي صدر من الجانبين.

تراجع ألمانيا عن تصريحات وزير الخارجية الألماني السابق زيغمار غابرييل، التي أطلقها قبل نحو عام وأكثر، بتهور غير مسبوق متكئ على أيديولوجيا عُرف بها فوصم "الرياض" بتهم معلبةً غير مبنية على معلومات صحيحة؛ فخرج عن لياقة رجالات الساسة في العالم، وكيف يستقون معلوماتهم.

ألمانيا تراجعت كذلك عن الموقف العدائي الذي ناصبته السعودية وانحازت أثناء تفجر الأزمة الخليجية تجاه "الدوحة"، وهي التي رقصت على أنغام هذا الخلاف "السعودي الألماني"؛ فهرولت قبل مدة صوب ألمانيا لتوقع عقود استثمارية بأكثر من 20 ملياراً، وحاولت أن تكون البديل التجاري للسعودية؛ لكن مشروعها فشل بعد اعتذار ألمانيا وعودة العلاقات؛ إيماناً منها بعدم وجود شريك تجاري كالسعودية؛ فكيف لدولة كقطر أن تطمح لتكون البديل عن السعودية ثالث شريك تجاري لهم، وارتفعت نسبة التبادل بين الطرفين في السنوات الأخيرة لتكسب السعودية المزيد من الاصطفاف الدولي مع موقفها تجاه عبث الدوحة.

أثبت هذا البيان قوة موقف "الرياض" وتماسك سياستها وحصافتها الدبلوماسية، وكيف تعاملت مع الأزمة التي أشعلتها تلك التصريحات التي نفاها وقتذاك مسؤولون لبنانيون، وأوقفت السعودية حينها توقيع الصفقات التجارية خاصة في مجال التسليح أحد مصادر الدخل القومي للألمان، وبعد مكابرة استمرت لما يزيد على عام؛ تراجعت ألمانيا وفتحت باباً للحوار، واختارت الهدوء الدبلوماسي الذي تلتزم به الدول وقت الأزمات.

ويرى مراقبون أن السعودية التي تتعامل مع بعض الدول بسياسة النفَس الطويل؛ هي في الوقت نفسه ترفض الوصاية والتدخل في شؤونها ورمي التهم جزافاً، ودائماً ما تلتزم الصمت والنأي بنفسها عن إطلاق التصريحات ضد دول العالم، وسرعان ما تُثبت الأيام صِدق مواقف السعودية؛ فبعد صبر طويل وتعامل رزين؛ صفعت كندا قبل أشهر بسبب تصريحات تفيض بالحقد والإملاءات تحت ستار حقوق الإنسان، متبجحة بعبارة "الإطلاق الفوري للموقوفين"؛ لكن الرد جاء فورياً وقاسياً!

تلك اللكمة السياسية التي وُجهت لكندا؛ جعلت ألمانيا تعيد حساباتها وتهرول صوب الرياض متوددة؛ فالمصالح المشتركة والمنافع التجارية هي مَن تجمع الدول، ولا ابتزاز سياسي، ولا مراهقات دبلوماسية تُرضخ الرياض؛ فقبل ألمانيا خنعت السويد وأسبانيا، والآن كندا تجوب الدول بحثاً عن وسيط يصالحها مع الرياض.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org