تمثل زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لجمهورية إندونيسيا منعطفاً هاماً في تاريخ العلاقات بين المملكة التي تحتضن في أرضها قبلة المسلمين وبين إندونيسيا الواقعة أقصى جنوب شرق آسيا وتضم أكبر تجمع للمسلمين في العالم حيث يقدر عدد سكانها بحوالي 250 مليون نسمة.
ويتوقع أن تسهم الزيارة في توطيد العلاقات بين البلدين وتوقيع العديد من الاتفاقيات التي ستعود بالفائدة على الدولتين الصديقتين.
تاريخية الزيارة
على الصعيد التاريخي تعد علاقات المملكة بإندونيسيا علاقات قديمة مبنية على الصداقة الودية والأخوة الإسلامية وتعد هذه الزيارة ثاني زيارة لملك سعودي بعد الزيارة التي قام بها الملك فيصل عام 1970م، ولذلك بدأ الاستعداد لهذه الزيارة التاريخية منذ وقت مبكر وسط اهتمام لافت داخل العاصمة جاكرتا والتي ستشهد استقبال الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو للضيف الكبير ووفده المرافق.
وبدأت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1367هـ الموافق 1948م وذلك بافتتاح السفارة الإندونيسية بجدة ثم أعقبها عام 1369 هـ الموافق 1950م افتتاح أول مفوضية للمملكة العربية السعودية في إندونيسيا برئاسة عبد الرؤوف الصبان ثم عام 1375 هـ الموافق 1955م افتتاح أول سفارة للمملكة العربية السعودية في إندونيسيا.
وكان أول سفير للمملكة العربية السعودية في جمهورية إندونيسيا (جاكرتا) السفير محمد بن حسن فقيه، وذلك خلال الفترة 1375هـ إلى 1387هـ الموافق 1955م-1958م.
مصالح مشتركة
تتصف العلاقات السياسية بين المملكة وجمهورية إندونيسيا بالممتازة فهناك مصالح مشتركة بين البلدين سواء في إطار الثنائية، المتعددة الأطراف، الإقليمية والدولية إذ أن البلدين عضوان نشطان في منظمة الأمم المتحدة والمكاتب التابعة لها، كما يلعب البلدين دورا رياديا في منظمة التعاون الإسلامي، حركة عدم الانحياز ومجموعة العشرين. بالإضافة إلى ذلك فإن البلدين يستمران في تبادل الدعم والتأييد سواء في المحافل الإقليمية أو الدولية تحقيقا للصداقة المستمرة بينهما.
8 مليارات دولار
فيما يختص بالعلاقات الاقتصادية بين المملكة وجمهورية إندونيسيا فإن البلدين يحرصان على تطوير علاقاتهما، حيث بلغ حجم التبادل التجاري إلى حدود عام 2014م بواقع (8،67) مليار دولار أمريكي، أو ما يعادل 32,5 مليار ريال ما الصادرات السعودية إلى إندونيسيا وهي مكونة من: (النفط ـ المواد الكيميائية العضوية ــ البلاستيك ــ المنتجات البلاستيكية ـ المنتجات الكيماوية ــ الحديد ــ الصلب ـ المعادن الأساسية).
وفيما يتعلق بالاستثمار السعودي في إندونيسيا، فإن المملكة قامت بالاستثمار في عدد من المناطق الإندونيسية خاصة في مجال تكرير النفط والبتروكيماوية بالتعاون مع شركة "أرامكو" و "بيرتامينا" خاصة في منطقة تشيلاتشاب ــ جاوة الوسطى بقيمة قدرها 5.6 مليار دولار أمريكي. أما الاستثمارات الإندونيسية في المملكة فتنحصر فقط في مجال التصنيع الغذائي والبناء.
اتفاقيات الصداقة
على امتداد الصداقة التاريخية بين البلدين اتفق الطرفان على عديد من المعاهدات والاتفاقية لعل أبرزها معاهدة الصداقة 1390هـ، واتفاقية التعاون الاقتصادي والفني 1401هـ، واتفاقية التعاون العلمي والثقافي الإسلامي 1402هـ، واتفاقية الإعفاء المتبادل من تسديد الضرائب والرسوم الجمركية على أنشطة النقل الجوي والموافق عليها بالمرسوم الملكي رقم م/26 وتاريخ 30/10/1411هـ، وكذلك اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة تم توقيعها ومصادقتها من حكومة المملكة إلا انه لم تتم المصادقة عليها من الجانب الإندونيسي.
وتتميز العلاقات السعودية الإندونيسية بالتعاون في المجالات التعليمية والثقافية والمعارض المشتركة، والتعاون في مجال الإعلام وتغطية مناسبات الحج وصلاة التراويح في شهر رمضان المبارك، كما تتميز العلاقات السعودية الإندونيسية بالتعاون في مجال العمل الإسلامي ودعم الأنشطة الإسلامية.
خدمة الإسلام
تظل علاقة المملكة بإندونيسيا في الشأن الإسلامي علاقة متجذرة منذ استقلال جمهورية إندونيسيا عام 1945م. فقد قامت المملكة بالكثير من المشاريع لخدمة الإسلام والمسلمين في ذلك البلد الذي جله من المسلمين وذلك في التعليم الإسلامي وبناء المعاهد والمدارس والمساجد.
وفي هذا السياق قامت المملكة بافتتاح معهد العلوم الإسلامية والعربية بجاكرتا منذ 35 عاماً وهو فرع من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وتبوأ خريجو هذا المعهد مناصب رفيعة في إندونيسيا.
129 ألف سائح سنويا
وبحسب الموقع الالكتروني للسفارة السعودية في إندونيسيا فإن السياح السعوديون يشكلون النسبة الاكبر من عدد السياح الذين يزورون اندونيسيا خلال الخمس السنوات الماضية، مبينة أن عدد السياح السعوديون المسجلين خلال عام 2015م بلغ أكثر من 129 ألف سائح، مقدرة الزيادة في عدد السياح السعوديين مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي بنسبة قدرها 4.67%.
وساهمت التسهيلات التي تقدمها الحكومة الاندونيسية في زيادة تدفق السياح خصوصا من المملكة ودول الشرق الاوسط على إندونيسيا، حيث فتحت اندونيسيا المجال للتأشيرة السياحية المجانية للسياح، وهو ما أدى إلى ارتفاع عدد السياح السعوديين مؤخرا بنحو 60%، يعتبر هذا الرقم مرتفعاً مقارنة بعدد السياح من الدول الأخرى. خصوصا في ظل تكثيف برامج التسويق السياحي لإندونيسيا في المملكة مقارنة بغيرها من الدول.