أدخلت الأمطار التي شهدتها قرية الجنادرية التراثية، مساء أمس الأول، البهجة والسرور على نفوس الزوار، حيث لم يمنع هطول المطر الجموع من التوافد باتجاهها، بل خلقت الأجواء الرائعة التي عاشتها الجنادرية كرنفال فرح، حيث المطر عنوان دائم للبهجة، استقبلته الجموع مرددين العديد من أناشيد المطر.
وشهد بيت الباحة أثناء هطول المطر توافد العديد من الزوار الذين واصلوا جولاتهم في أروقته وأجنحته في أجواء من البهجة، فيما لم تكن الليلة الماطرة مجرد سقوط عادي لمطر الشتاء في ليل الرياض البهيج، بل استدعت الموروث الشعبي للمنطقة حين سقوط المطر، حيث يستقبل الناس المطر بأهازيج الفرح؛ لكون المطر ظاهرة محببة في الماضي والحاضر معاً، ولأن إنسان الماضي في هذا الجزء من الوطن كان فلاحاً يتباشر بالغيم، ويتبارك برؤية البرق، ويرقص على هزيع الرعد، الذي يبهجه فيتعالى صوته "يا كريم الوحي"، مرددين أهزوجة الفلاح الشهيرة في منطقة الباحة: "يالله غزره على المضاحي"، متباشراً بسقوط أول الغيث، مبتهجاً بهطوله مصحوباً برجاءات الغزارة والوفرة، ومحملاً بالدعوات، لينتهي مشهد المطر بتبادل التهاني، فيبارك الناس لبعضهم بهطول المطر بقولهم: "هنيتم الرحمة"، فيردّ الآخر: "وأنتم بطرفها"، بما تحمله هذه العبارات من أمنيات، ولكون المطر تباشير فرح فإنه يتسمّى في لسان أهالي الباحة بكنية جميلة "الرحمة"، ويبقى المطر قديماً أهزوجة جميلة على اللسان، فكما يستقبل منشأ المطر بالأهازيج التي تحمل الرجاءات بالغزارة، فإن مشهد السيل المنحدر من أعالي الجبال أحد أكثر المشاهد التي تغمر قلوب الناس بالفرح، لذا تجدهم يستقبلونه بأهزوجة موغلة في دلالاتها، حين يغنون بفرح عارم: "سيل الجبل جانا دويحة.. واسقى زبيدة من صبيحة"، في إشارة إلى عظمة السيل وكبره، وزبيدة وصبيحة هنا هي أسماء للمزارع.
ونقل زوار الجنادرية الحدث عبر وسائط التواصل، مستحضرين الكثير من أهازيج المطر، ومرددين أغنية "فيروز" وهي تغني: "شتي يا دنيي.. تيزيد موسمنا ويحلا"، ورائعة محمد عبده: "كريم يا بارق ينوض حدري.. واللي سرى بالغداري يقتدي به"، معتبرين ترنيمة الجنادرية هذه الليلة هي ترنيمة المطر.
وبذلت الجهات المعنية بقرية الباحة جهوداً كبيرة للتعامل مع الحالة المطرية وتجنيب الزوار المخاطر المتوقعة في مثل هذه الحالات، عبر مساعدة كبار السن والأسر والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة لإيصالهم لسياراتهم، وكذلك عبر التوجيهات المستمرة بواسطة مكبرات الصوت؛ حفاظاً على سلامتهم، إذ لم تسجل بحمد الله أي حوادث في محيط البيت.
الجدير بالذكر أن الحرس الوطني وفّر "حافلات ترددية" لإخلاء زوار الجنادرية إلى مواقف السيارات سريعاً، وباحترافية كبيرة أثبتت دقة التنظيم والإدارة العالية لأي طارئ، وهذا ما يتمتع به هذا الجهاز المتمكّن.
يُشار إلى أن "سبق" هي الراعي الإلكتروني الحصري للمهرجان للسنة الثالثة على التوالي، وخصصت فريق عمل إعلامياً لتغطية فعاليات أجنحة إمارات المناطق، والجهات الحكومية المشاركة في المهرجان، وتتابع أنشطة الشركات ومؤسسات القطاع الخاص الراعية الرسمية للمهرجان.