يطالب الكتاب الصحفيون المسؤولين بتحمّل مسؤوليتهم عن النتائج الكارثية للسيول التي ضربت بعض مناطق المملكة، ونجم عنها العديد من الحوادث، وأبرزها مصرع الطفل نواف الأحمري -رحمه الله- مؤكدين أن كل من لم يستعد للأمطار، ولم يتخذ القرارات في اللحظة المناسبة عليه تحمّل التبعات، رافضين تنصّل المسؤولين من مسؤولياتهم.
"ما الذي قتل الطفل نواف الأحمري"
وفي مقاله "ما الذي قتل الطفل نواف الأحمري" بصحيفة "الوطن" يقول الكاتب الصحفي علي سعد الموسى: "المعلومة التي يصر المسؤولون على توزيعها وتكريسها هي أن الوادي هو من سحب الابن الطفل نواف الأحمري، وأخذه إلى نهايته المحتومة. هم يحاولون تغييب حقيقة أن هذا الطفل لقي مصرعه في قلب الشارع الرسمي المسفلت على بُعد أمتار من المدرسة".
المسؤولون يهربون
وبمرارة يرصد "الموسى" هروب المسؤولين من تحمّل المسؤولية ويقول: "المسؤولون، وهم بالمناسبة، بالعشرات يهربون اليوم إلى الخلف، ويرمون بالتهمة على شماعة الوادي وجشع المواطن، وأيضاً على السماء والسحب؛ لأنها قررت أن تهزم كل فضائحهم في ظرف ساعة واحدة. هؤلاء، وهم بالعشرات، وفي أزمان إدارية متعاقبة، هم من بصم بالأختام الرسمية والتوقيعات النهائية على مخطط الحي، وعلى كل قطعة أرض، وعلى مسار كل شارع به، ثم ماذا بعد؟ يتسابقون اليوم على التصريحات الرنانة التي تتحدث عن حي شعبي أكله (المواطن) بالهجوم والاستحواذ في عسف للوقائع والحقائق، ولولا تبعات القانون، لكتب هنا ما كان صاعقاً من حقائق الأيام، ولكنني قلم (رصاص) بلا ظهر أو سند".
لم ينفقوا ريالاً واحداً
ويضيف الكاتب: "قبل سنوات طويلة جداً، كتبت عن هذا الحي في مقالي الشهير (حارة حريك)، أعدت تحوير التسمية بعدها بسنين أيضاً إلى (يوميات جمهورية المنسك الشعبية). لم يلفت أمانة المدينة إلا استفزاز المسميات، دعوتهم مع غيري من سكان هذا الحي، وفي أيام الطفرة التاريخية الأخيرة، ولو إلى مجرد زيارة، فكان الإهمال المتعمد. وهنا سأكتب للتاريخ: لم تصرف هذه الأمانة ريالاً واحداً منذ ولادة هذا الحي على يديها وبأختامها وتواقيعها قبل خمسة عشر عاماً، إلا ما كان من أعمدة النور وسيارة النظافة. وللأمانة، هم يرصفون اليوم مجرد الشارع الرئيس؛ تمهيداً لمرحلة مواقف السيارات المدفوعة الثمن في الأشهر القادمة".
وادي أبها الشهير
وفي إطار تحديد المسؤوليات بدقة، يرصد الكاتب أخطاء الأمانة ويقول: "اليوم رحل عن دنيانا الابن الطفل نواف الأحمري.. لم يبق للأمانة التي أهملت كل شيء هنا طوال عقد ونصف العقد إلا استخراج صك شرعي يحمّل المواطن في هذه الحارة دفع الدية. لم يقل أحد منهم أبداً إنه مات في الشارع الرسمي أمام المدرسة. كلهم يتحدثون عن نسبة المطر والوادي والمواطن، وهم وللأمانة؛ وفي هذه (الأمانة) من كان القدوة العليا أمامنا جميعاً من حوّل وادي أبها الشهير إلى عبّارة وشارع رسمي، من اختزله من عرض ستين متراً إلى عبّارة بعرض عشرة أمتار. هم من قتل رئة هذه المدينة ومعلمها الأهم الأبرز، وكأن لديهم فرماناً سماوياً أن السدّ من فوقه لن يفيض، وأن الوادي لن يعود يوماً إلى أيامه التاريخية الغابرة".
تحملوا المسؤولية
وينهي "الموسى" قائلاً: "بعض ما تبقّى من الحقائق الصادمة يصعب أن يُكتب، ولكن لا تتحدثوا عن سكان الحي وكأنهم فرقة (حنشل).. تحملوا المسؤولية بكل شجاعة ولو لمرة واحدة".
أنا غير مسؤول
وفي مقاله "أنا غير مسؤول" بصحيفة "المدينة" يبدأ الكاتب الصحفي إبراهيم محمد باداود بتعريف المسؤولية ويقول: "من تعريفات (المسؤولية) الموجودة في بعض المراجع الإدارية أنها: (تحمّل الشخص نتيجة التزاماته وقراراته واختياراته العلمية)، ومن التعريفات أيضاً: (ما يكون به الإنسان مسؤولاً ومطالباً عن أمور أو أفعال أتاها)، والإنسان الواثق من نفسه ومن قدراته هو ذلك الشخص الذي يكون قادراً على تحمل المسؤولية، وبالتالي يصبح إنساناً يمكن الاعتماد عليه، وخصوصاً في أوقات الأزمات، والتي عادة ما يتنصّل فيها البعض من مسؤولياتهم".
تنصل المسؤولين
ثم يرصد "باداود" تنصل المسؤولين من النتائج الكارثية للأمطار ويقول: "مؤخراً ومع تساقط الأمطار الغزيرة على إحدى مناطق المملكة، وغرق بعض الطرقات وتعطّل بعض الخدمات بادر بعض المسؤولين هناك بإصدار تصريحات، رافضين من خلالها تحمّل المسؤولية، ملقين باللوم تارة على البنية التحتية، وتارة على كميات الأمطار غير المسبوقة، وتارة على المنطقة الجبلية، والتي تنحدر فيها المياه سريعاً، وتارة على بعض المواطنين الذين تعدّوا على مجاري الأودية وغيّروا مسارها، جاعلين من كل ما سبق أسباباً لما حدث دون أن يتحمّلوا هم المسؤولية كمسؤولين، في المقابل بادرت إدارة التعليم بالمنطقة نفسها بإصدار بيان توضح من خلاله أسباب عدم قيامها بتعليق الدراسة يوم الثلاثاء 17/ 5/ 1438هـ والذي شهد غرق أحد الطلاب (رحمه الله) عند مغادرته للمدرسة متوجها لمنزله برفقة السائق الخاص، حيث جرفتهما السيول الناتجة عن الأمطار، فقد أكدت إدارة التعليم أن تعليق الدراسة يتم من خلال تولي الأرصاد إبلاغ مركز القيادة والتحكم بالدفاع المدني ووزارة التعليم بذلك، وأن إدارة التعليم لم تتلقّ أي بلاغات أو تنبيهات من الجهات المعنية، وأنها لا تتخذ أي إجراء دون الاستناد على بلاغ أو تنبيه الجهات ذات العلاقة.. ويفهم من ذلك أن مسؤولية تعليق الدراسة لا تعتمد على الإدارة نفسها بل على ما يصلها من بلاغ".
تبعات المسؤولية
وعن تبعات المسؤولية، يقول "باداود": "أيها المسؤول، لم يطلق عليك هذا المسمى (مسؤول)؛ لأنك ذكي أو لأنك مشهور أو لأنك ذو لسان فصيح، بل أطلق عليك هذا المسمى وحمّلت ذلك اللقب لكي تتحمل المسؤولية، ولكي تحرص على اتخاذ القرار المناسب وتتحمّل تبعاته، ولكي تكون واثقاً من قدراتك، وذو شخصية قوية يمكنها أن تعترف بالخطأ عند وقوعه كما تعترف بالتقصير إن وجد، ولا تعمد إلى توجيه التّهم لآخرين أو البحث عن أسباب أخرى يمكن أن تكون بالنسبة لها طوق نجاة للتخلي عن المسؤولية أو كبش فداء ليتحمل نتائج ما حدث من كوارث".
وينهي الكاتب قائلاً: "كرسي المسؤولية ليس مريحاً لمن يعرف معنى (المسؤولية)، والمناصب والألقاب ليست تشريفاً بل تكليف، والمسؤول الذي يقف أمام الكاميرات أوقات الرخاء ويهرب منها أوقات الشدة، فالمسؤولية بريئة منه".
هيئة لمواجهة الكوارث
وفي مقاله "هيئة المطر" بصحيفة "الجزيرة" يتحدث الكاتب الصحفي سعد الدوسري عن الفشل المتكرر في مواجهة تداعيات هطول الأمطار على المملكة كل عام، مطالباً بإنشاء "هيئة المطر" على غرار مؤسسات مواجهة الكوارث والأزمات ويقول: "ربما من الضروري، قياساً بتجربة هذا العام، أن تتم دراسة إنشاء هيئة خاصة للحماية من السيول والعواصف الرملية. وأن تضم الهيئة مسؤولين من كل القطاعات ذات العلاقة ببناء وصيانة المنشآت والسدود والطرق والمدارس والجامعات والمستشفيات والأسواق، ومسؤولين من الأرصاد وحماية البيئة والتعليم والصحة والأمانة وهيئة الهلال الأحمر والدفاع المدني، وأن تكون الطواقم العاملة في هذه الهيئة مدربة تدريباً عالياً للتعامل مع مثل هذه الأحوال، وأن تكون دوماً على أهبة الاستعداد، بحيث يتم استدعاؤها من المقار التي تعمل فيها، في حالات الطوارئ.. نحن لن نقلّل من الجهود التي بُذلت خلال الأيام الماضية في مواجهة الحالة المطرية الشديدة، في كل أنحاء المملكة، لكن العاملين في فرق المواجهة، لا يزالون بحاجة إلى التأهيل".
صندوق لمواجهة الكوارث
وفي مقاله "التأمين التعاوني ودوره في تخفيف أثر الكوارث" بصحيفة "الاقتصادية" يدعو الكاتب الصحفي د.صلاح بن فهد الشلهوب إلى إنشاء مؤسسة التأمين التعاوني، أو صندوق لمواجهة الكوارث، ويقول: "كما أنه من المقترح إيجاد خيارات أخرى يمكن أن تعالج الحالات التي لا يمكن لشركات التأمين أن تغطيها، فيما يتعلق بالكوارث العامة سواء من خلال صندوق حكومي أو وقف خيري؛ كي لا يتأثر المواطن بشكل كبير من آثار ما قد ينشأ من خسائر عليه بسبب الأمطار على سبيل المثال لا الحصر.. إن التأمين التعاوني أو التكافل هو أحد الخيارات المتوافقة مع الشريعة للتأمين الذي يعتبر إحدى الخدمات المهمة للمجتمع، والتأمين يجب أن يكون له دور في معالجة آثار الكوارث التي قد يتكبدها البعض، وفي حال عدم تغطية التأمين لذلك بعد اشتراك الفرد يمكن أن ينشأ صندوق خاص بالكوارث التي لا يغطيها التأمين سواء بدعم حكومي أو من خلال إنشاء أوقاف خاصة بها".