- بعض مدعي العلاج يقومون بتقديم دورات تدريبية في فنادق فخمة وكبيرة من أجل التسويق لأنفسهم ومنتجاتهم
- رغم المنع "محلات العطارة" تبيع أعشاباً خطرة لعلاج العقم وخلطات مجهولة لمرضى الكلى
- دراسات محلية: 50% من الخلطات التي تم تحليلها كانت ملوثة بمعادن ثقيلة ومواد محرمة دولياً
- خلطات بلا عبوات وتعليمات واضحة تجعل المرضى يسيئون استخدامها وتحدث لهم الجرعات الزائدة القاتلة
- المدير التنفيذي للمركز الوطني للطب البديل والتكميلي: نحتاج الكثير لضبط ممارسة التداوي بالأعشاب.. ونتابع المتلاعبين
- المستشار القانوني د. أسامة القحطاني: الشعوب المتخلفة تصدّق الخرافة أكثر من الحقائق.. ويصدقون الدجالين ويشككون في الطب الحديث
امتهنت عدد من محلات العطارة بيع الأوهام الزائفة بالشفاء من الأمراض، والعوارض الصحية عبر خلطات محظورة، وأعشاب مجهولة يتم تصنيعها في أماكن غير مهيئة يروج لها في شبكات التواصل الاجتماعي، والأسواق الشعبية.
" سبق" طرحت عدة تساؤلات حول تنظيم تلك المحلات، والأسواق، والمعايير الصحية المسموح فيها، وأضرارها على الصحة العامة، وتجولت في عدد من محلات العطارة وكشفت الكثير عن خفاياها وممارساتها.
الطب البديل
في بداية يقول المدير التنفيذي للمركز الوطني للطب البديل والتكميلي د.عبدالله بن محمد البداح: الطب الشعبي مسمى واسع، وكبير حيث يندرج تحت هذا المفهوم عدة ممارسات لها أصول، وقواعد معروفة، ومتوارثة منذ القدم ذات علاقة بالصحة، وقاية وعلاجاً، وقد شكلت في مراحل زمنية متعاقبة ما يمكن تسميته بالطب الشعبي، حين كان المصدر الوحيد للعلاج قبل انتشار الطب الحديث في المملكة".
وأضاف: أما فيما يتعلق بالإجراءات المنظمة للممارسات الصحية سواء كانت طباً حديثاً، أم طباً تكميلياً أو شعبياً، فالأنظمة والضوابط التي تصدرها وزارة الصحة أو الجهات التابعة لها هي من تحكم الممارسين الصحيين المرخصين من قبل الوزارة، وبالتالي تنطبق عليهم الضوابط الواردة في هذه القوانين، والذين يمارسون الطب الشعبي من غير ترخيص .
وبين أن وزارة الصحة، والمركز الوطني للطب البديل والتكميلي تحديدًا يقوم بمتابعة نشاط هؤلاء المدعين، والتحذير منهم وتوعية الناس من أضرارهم لأن هؤلاء المدعين غير مرخصين من الوزارة أو من المركز الوطني، فهم لا يقعون تحت طائلة الأنظمة الصحية، وإخطار الجهات المختصة التي تملك الضبطية القضائية لإيقافهم ومنعهم من الممارسة واتخاذ الإجراءات تجاههم.
وبخصوص الإجراءات التي تتخذ تجاه من مارس المهنة، وما تسببه من ضرر نفسي أو جسدي للمواطن، سواء كان مرخصاً أم لم يكن مرخصاً؟ أجاب البداح: تختلف الإجراءات المتبعة في حال وقوع الضرر باختلاف الوضع النظامي للممارس، فإذا كان الممارس غير مرخص من الأساس فتنطبق عليه الإجراءات التي سبق ذكرها في السؤال السابق، حيث يحال الممارس غير المرخص إلى الأجهزة المختصة لاتخاذ الإجراءات تجاهه، وتحديد الضرر الذي تسبب فيه وتحديد العقوبة على ضوء ذلك.
أما إذا كان الممارس مرخصاً فتنطبق عليه أحكام الفصل الرابع من نظام مزاولة المهن الصحية والتي بينت المسؤولية المهنية للممارسين بفروعها الثلاثة، سواء المسؤولية المدنية، أم المسؤولية الجزائية أم المسؤولية التأديبية. وفي كل الأحوال هناك ما يسمى بالهيئة الصحية الشرعية في معظم مناطق المملكة، يرأسها قاضٍ من فئة (أ) وبعضوية عدد من الأطباء وغيرهم من الأخصائيين النظاميين، حيث تتولى هذه الهيئة إجراءات التحقيق والمحاكمة في بلاغات الدعاوى المقدمة لها للنظر في الأخطاء المهنية.
تحذيرات رسمية
وحول الجهة الرسمية التي يتبع لها ممارسو الطب الشعبي، وإلى أي جهة يستطيع أن يشكو من تضرر، وهل القوانين التي وضعت ما زالت بحاجة إلى تنظيم أكثر أم أنها كفيلة للتصدي لكل من يخالف؟
أجاب البداح:" المادة 2/4/ل من نظام مزاولة المهن الصحية نصت على أنه لا يجوز ممارسة العلاج الشعبي إلا بموجب ترخيص من الجهة المختصة التي تحددها الوزارة. وقد جاء قرار مجلس الوزراء الموقر بإنشاء المركز الوطني ليعمل باعتباره مرجعية وطنية لكل ما يتعلق بالطب البديل والتكميلي بالمملكة وعليه فإن المركز الوطني هو الجهة المهنية بذلك في حال البدء بالترخيص للطب الشعبي، ومن المهم القول هنا إن إنشاء المركز الوطني لا يعني أن ضوابط ممارسات الطب التكميلي والشعبي قد تم إقرارها تلقائياً، بل هناك الكثير من العمل في مجال وضع الضوابط المنظمة لهذه الممارسات مع وجود بعض الصعوبات في هذا الموضوع، ومن ذلك أن وضع ضوابط لممارسة طبية معينة ذات علاقة بالطب التكميلي يجب أن يسبقه القيام بأبحاث علمية تؤكد نجاعة هذه الممارسة، وهو ما يستلزم بعض الوقت لخروج نتائج هذه الأبحاث ومن ثم إقرار هذه الضوابط، وبالرغم من انتشارهم على وسائل التواصل الاجتماعي، ونشرهم لوصفات طبية وبيعها بشكل علني دون أي تحذير أو خوف، وهذا الأمر منتشر للأسف، وقد ساعدت وسائل التواصل الاجتماعي في الترويج لهم ولخلطاتهم المزعومة".
وتابع: "لقد أصدر المركز عدة بيانات في الصحف للتحذير من الضرر الذي يمكن أن يتسبب به هؤلاء المدعون. والمركز يتابع أنشطتهم وإعلاناتهم في الصحف الإعلانية المجانية وغيرها، حيث تم رفع عدة دعاوى ضدهم أمام لجنة المخالفات الصحفية في وزارة الثقافة والإعلام، وإلزامهم بعدم الإعلان مرة أخرى، حيث صدر بحقهم إجراءات عقابية من اللجنة بل إن بعض هؤلاء المدعين يقومون بتقديم دورات تدريبية مجانية في مجال الطب البديل والتكميلي، وفي فنادق فخمة، وكبيرة من أجل التسويق لأنفسهم ومنتجاتهم لاحقاً، ونحن نتابع مثل هذه الأنشطة لاتخاذ الإجراءات النظامية بشأنها. كما أن على المواطن دوراً توعوياً يتمثل بضرورة عدم الانسياق خلف الادعاءات والتقيد بالمشاركة في التحذير منهم والإبلاغ عنهم".
دراسات واستبيانات
ومن جانب آخر أظهرت مجموعة من الدراسات السعودية رغم محدوديتها أن الطب البديل يمارس بشكل واسع في مختلف فئات المجتمع، وكان الاستشفاء بالقرآن الكريم المرتبة الأولى، ويليها العسل والحبة السوداء.
وتبين الدراسات عدم وجود استفادة من العلاج بالأعشاب نتيجة لاستخدام خلطات غير معروفة التكوين أو بسبب الممارسات الخاطئة، والضارة لبعض الحالات الشائعة كالكي والحجامة والخلطات الشعبية. وبينت دراسة ميدانية قامت بها الهيئة العامة للغذاء والدواء، خطر سوء استخدام الأعشاب ومستحضراتها نتيجة لجرعات الزائدة القاتلة حيث إن هذه الأعشاب تستعمل في الغالب بدون عبوة محددة، وبدون تعليمات سليمة للاستخدام هذا إلى جانب خطر التسمم نتيجة اختلاط أعشاب برية سامة مع أعشاب معروفة، وتوصلت الدراسةإلى أن 30% من الخلطات العشبية المتداول بيعها في محلات العطارة تحتوي على أدوية مغشوشة، في حين أن 50% من الخلطات التي تم تحليلها كانت ملوثة بمعادن ثقيلة ومواد محرمة دولياً، وبعضها تم سحبه من الأسواق لمضارها على جسم الإنسان.
وأشارت الدراسة الى وجود 45% خلطة عشبية سامة، من أصل 100 في محال العطارة والطب الشعبي. وتوصلت الدراسة التي قامت بها ندى بنت محمد الجدوع بعنوان "الخصائص الاجتماعية والاقتصادية لمستخدمات الطب الشعبي وأسباب استخدامه"، دراسة ميدانية في سوق الديرة بالرياض أن مستخدمات الطب الشعبي من الفئة العمرية الشابة حيث كانت غالبية العينات من عمر 25 إلى 35 عاماً، كما يتضح أن غالبية مستخدمات الطب الشعبي من سكان المدينة بنسبة بلغت 77,7% ومعظم مرتادي سوق العطارة من الحاصلات على الشهادة الجامعية بنسبة 28% يليهن الحاصلات على الثانوية العامة بنسبة 23.7%
كما أشارت النتائج ألى أن أعلى نسبة لمستخدمات الطب الشعبي كانت في جنوب الرياض بنسبة بلغت 40,7% تليها اللاتي يقمن في غرب الرياض بنسبة 25,9% كما أظهرت أن نسبة 54,5% يؤيدون استخدام الطب الشعبي، في حين أن نسبة من لا يؤيدون استخدامه بلغت 3,3% وهي نسبة ضئيلة.
وبلغت نسبة ممن يرون أنه لا ضرر من استخدام الأعشاب على الصحة بنسبة 42,8%، آما اللاتي يؤكدن وجود ضرر بلغت نسبتهن 10.4%
ومما يؤكد على تأثير العطار لاستخدام الطب الشعبي حيث بلغت نسبة 23.7% مما يلجان للعطار نتيجة نصيحة قدمها لها العطار والمعالج الشعبي باستخدام الأعشاب مما يدل على أنه تأثير كبير
وقد عارضت 13.7% أن استخدام الطب الشعبي قد يضر بالصحة، ورفضت 25.2% أن الطب الشعبي قد يسبب الوفاة.
ضبط المخالفين
"سبق" توجهت بتساؤلاتها إلى أمانة الرياض المسؤولة عن ضبط الأسواق ومحلات العطارة، لمعرفة دورها بالتعاون مع باقي الجهات. وقد وضحت "أمانة الرياض" أن هناك توصيات من اللجنة العطارة المشكلة من عدد من الجهات المعنية حول الملاحظات، والمخالفات على المحلات، والمنشآت التي تزاول تحضير، وتداول وبيع، وتخزين المستحضرات العشبية والعطارة، والتركيبات العلاجية ذات الادعاء الطبي، التي لا تحمل ترخيصاً أو تسجيلاً من وزارة الصحة، والتي يترتب على ترويجها سلبيات، ومخاطر صحية.
قائمة الممنوعات
وعن قائمة الممنوعات العشبية التي يحظر بيعها، وتداولها في محلات العطارة، أوضحت أمانة الرياض أنها أي مستحضر صيدلاني يستخدم في علاج الإنسان له ادعاءات طبية، مثل الأقراص، الكبسولات، الأشربة، المراهم، الكريمات، التحاميل، البودرة، وأي مادة من ضمن التركيب لها ادعاءات طبية سواء كانت عشبة واحدة أو مخلوطة وعلى شكل شاي ولها ادعاءات طبية، وأي مستحضر يحتوي على فيتامينات صناعية ويؤخذ عن طريق الفم.جميع أنواع الحكل، ما عدا التي على شكل قلم، وأي مستحضر يستخدم في إنقاص أو زيادة الوزن الطبيعي.أي مستحضر عشبي على هيئة خليط مع أعشاب أخرى أو ماء أو عسل، بأي صورة كانت أو تحمل ادعاءات طبية أو تستخدم للأطفال أقل من 6 سنوات.
جولة "سبق"
وتجولت "سبق" في عدد من أسواق الأعشاب، ومحلات العطارة بحثاً عن "الأعشاب الضارة" الواردة في القائمة السابقة التي حددتها الأمانة، والتأكد من عدم ترويجها وبيعها للناس.
بعد معرفة "سبق" قائمة الأعشاب الممنوع بيعها وتداولها، كشفت الجولة الميدانية وجودها في معظم أسواق العطارة حيث قمنا بشراء زيت الحشيش بمبلغ 125 ريالاً، وفي محل آخر قمنا بالسؤال عن أدوية أعشاب لعلاج العقم، فادعى صاحب المحل أنه يوجد لديه الخلطة العشبية مقروءاً عليها، وأثبتت نتائجها المذهلة لدى زبائنه، وعند سؤاله عن سعرها أجاب 400 ريال العلبة، وعن سؤاله إن كانت مضرة، أجاب أنها طبيعية عبارة عن عسل وأعشاب خاصة لعلاج العقم مخلوطة بشكل مدورس ومتقن.
ثم توجهنا إلى محل آخر، وطلبنا علاجاً للكلى فعرض أشكالاً، وانواعاً من الأعشاب التي ادعى أنها لعلاج الكلى مع طرق استخدامها، وطلبنا خلطات لإنقاص وزيادة الوزن وكانت متوفرة أيضا، وأخذنا عينات منها.
وفي الجولة تكشفت لنا خفايا عديدة فكثير من المحلات بعضها سيئ التخزين، ومكدسة الأعشاب، ورائحة الرطوبة تسيطر على إحداها، إضافة إلى الغبار المتراكم على الرفوف، والبضائع المعروضة ومعظمها غير مغلف.
وسائل التواصل
وفي وسائل التواصل الاجتماعي "تويتر" "واتس اب"؛ كشفت "سبق" الكثير من المعالجين الشعبيين كما يسمون أنفسهم، وبينهم شد، وجذب مع الأطباء؛ فمنهم من وصف خلطات لعلاج الكبد ليقوم طبيب مختص بالرد على المدعي والمعالج بالأعشاب أن العشبة خطيرة جدا، ومعروف أثرها السلبي على الكبد، كيف توصفها لعلاج المرض، ليقوم الأخير بحظره.
ثقة عمياء
وبطلب "سبق" عدداً من الأدوية، والخلطات كانت يبيعها هؤلاء المدعون، يشترطون أن نحول المبلغ المالي أولاً ثم يقوم بإرسال الخلطة التي قد تستغرق يوماً أو يومين للوصول؟ وبسؤال أحد البائعين هل ممكن أن تتضرر الخلطة نتيجة للتأخير في الشحن؟ أجاب أن خلطاته مميزة ومدروسة، وإن كان ليس لدينا ثقة نلغي الطلبية؛ فلديه من الزبائن عدد لا يحصى وليس بحاجة تشكيكنا له.
حقيقة "الشعبي"
عن ذلك يقول الباحث والقانوني د. أسامة القحطاني لـ"سبق": هناك مقولة أرى لها صدقية عالية، وهي أن "الشعوب المتخلفة تصدّق الخرافة أكثر من الحقائق!"، ولو نظرنا في مجتمعاتنا العربية لوجدنا الأغلب يستكثر قيمة الدخول على طبيب شهير مثلاً ليفحصه ويعالجه، بينما تجد الحشود الكبيرة من الفقراء أيضا على مدّعي الطب الشعبي، وربما يدفعون للدجال الشعبي قيمةَ علاج كامل لدى ذلك الطبيب المتمكن، كل هذا بسبب أن أحدهم سمع آخر يثني على هذا المُدّعي واكتفى بهذه الشهادة، والتزكية، وترك الشهادة العالمية، والمبنية على سنوات طويلة من التعليم والتدريب والإشراف وهكذا.
وتابع: للأسف هذه شعوبنا التي اعتادت على مسايرة الفكر الجاهلي المتخلف في حياتها دون أن تحاول الرقي بنفسها ومن حولها.
وبسؤاله عن القصص الكثيرة التي نسمعها عن المعالجين الشعبيين الذين نجحوا في علاج العديد من الحالات، قال: "سأعطيك مثالاً من واقع عملي يوضح هذا؛ فأنا محامٍ، وقدمت الاستشارة القانونية لعدد من شركات الأدوية العالمية، التي تُنفق الملايين الباهظة لأجل تطوير علاج لعرض واحد فقط، ثم إن نجاحها في الوصول للنجاح غير مضمون، وربما تظن أنها نجحت ثم تأتي الاختبارات الرسمية للعلاج فلا تنجح في الحصول على الترخيص بعد إنفاق الملايين الباهظة، وأحيانًا تنفق الملايين لأجل التخفيف من أعراض منتج علاجي سابق فقط، وهكذا من المحاولات، والاختبارات العلمية المخبرية الباهضة الثمن، والتي يجتمع فيها العديد من أكفأ العلماء في العالم وليس عالماً واحداً، ومع ذلك فإن النجاح غير مضمون. ويأتي في مجتمعاتنا الفقيرة في الوعي والثقافة لتُصدق أن شخصًا ربما لا يملك الشهادة الثانوية، ويدعي أن لديه قائمة طويلة من أدوية الأمراض المستعصية التي ليس بينها رابط حتى فهو يمتلك علاجاً لمرض السكري الذي أعجز مراكز الأبحاث العالمية الضخمة! وسلسلة طويلة من الأمراض التي يعالجها ذلك الجاهل الاستغلالي، بالتالي فهذا الشخص ليس مؤهلاً علمياً، وكذلك الأدوية التي يصرفها هي في حقيقتها لم تخضع للفحص والاختبار، وربما تحتوي على أشياء ضارة، بينما للأسف الكثير يصدق هؤلاء الدجالين ويشكك في الطب الحديث المبني على خبرات عالمية متتابعة ومتراكمة.
الطب النبوي
وبين "القحطاني" الفرق بين الطب النبوي والعلاجات الشعبية. قائلاً: لا شك أن هناك عددًا من النصوص الشرعية التي أوصت مثلاً بالعسل والحبة السوداء، ونؤمن بأنها فعلاً مفيدة للإنسان، ولكن المشكلة في عدة أمور: منها أن البعض يحاول استغلال هذه التسمية لتسويق بعض منتجاته التي لم تخضع للاختبار والفحص الرسمي، ويتم استغلال البسطاء بهذه المسميات بينما قد تكون مضرة لهم، والنقطة الثانية؛ أن الحديث النبوي حول الحبة السوداء مثلاً لم يوضّح من أي نوعٍ هي الحبة السوداء والمقصود بالبركة، فهناك العشرات من النباتات التي تنتج حبة سوداء! ولا نستطيع الجزم بأنه يقصد نوعًا محددًا طالما لم يحدده النص. وهناك إشكال آخر؛ وهو أن العديد من البحوث العلمية التي قام بها بعض المسلمين لم تكن موضوعية وملتزمة باشتراطات البحث العلمية، وذلك رغبة منهم في إثبات كلام النبي عليه الصلاة والسلام بينما نسوا أن النبي عليه السلام لا يرضى الكذب الذي يلجأ إليه البعض للإثبات مما جعل صدقية البحوث الإسلامية محل شك وتساؤل من العلماء الآخرين؛ مثل عدد من البحوث حول بول الإبل مثلاً، فالواجب هو التجرد والموضوعية في البحث والاختبار، وليس التزييف على الناس لأجل إثبات صحة الحديث الذي لا يحتاج إلى بحوثنا لنثبت صدقية المصطفى عليه السلام.
قصص حقيقية
نشر "م.ج" قصته في أكثر من مكان ليفيد غيره حيث يقول فيها نصيحة مجرب إلى من يشتري الوهم باسم الأعشاب للشفاء من الأمراض المستعصية والمزمنة . نظرًا إلى انتشار تجارة الأعشاب، واستغلال البعض ضعف، وحاجة المريض للشفاء أسرد لكم تجربة شخصية لعل الله ينفع بها وتكون عظه وعبرة . . قبل ٤ سنوات تم تشخيصي بمرض "كرون" وهو التهاب مزمن في الأمعاء وليس له علاج في الطب الحديث . وذكر لي أحد الأصدقاء طبيب أعشاب يعالج جميع الأمراض المستعصية والمزمنة، ومنها مرض كرون، بحثت عن سيرة الدكتور وإذا به يحمل أكثر من ٧ شهادات في الطب البديل، وهذا ما دفعني للإقدام والذهاب إليه، وهنا كانت نقطة التحول في حياتي فقد أوهمني بأني مصاب بأمراض كثيرة منها القلب، والبروستات. والكلى، والكبد، وغيرها. وهذا بدون تحليل فقط من فحص يدوي يعتمد فيه على خدع نفسية توهمك بصحة كلامه، فقام بصرف مجموعة كبيرة من الأعشاب والفيتامينات، وقال إنها ستعيد لك عافيتك وتشفي مرضك . وكانت تكلفتها٥٠ ألف ريال، وطلب أن أتناول الأعشاب أربعة شهور، ولكني استخدمتها ٤٠ يومًا فقط، وأوقفتها لأني غير مقتنع بها في الأصل، ولكن حاجة المريض للشفاء تجعله لا يفكر في عواقب تلك الأشياء . وبعد فترة شهرين من توقف العلاج اكتشفت أن الكلى تنزف دماً من خلال البول وهي مستمرة معي إلى الآن، والكبد إنزيماتها غير مستقرة، وتتجاوز حدودها الطبيعية، وعند عمل منظار المعدة انصدم طبيب المستشفى من هول الالتهابات التي في بطانة المعدة، والارتجاع الشديد في المرئ مما اضطررت بعده إلى اتباع حمية صارمة طوال الحياة، والآلام في ازدياد، ولا تفارقني رغم مضي ٣ سنوات على ترك الأعشاب .
هذا نموذج حي لمن ينجرف تحت وهم أن الأعشاب سبب في علاج كل مرض وأنها إذا ما نفعت ما تضر .