
مع التقدّم في العمر، يواجه الدماغ تحدّيات طبيعية تبدأ معها خلاياه في الانكماش، ويضعف التواصل بينها، كما يتراجع تدفّق الدم إليه. هذه التغيرات الفسيولوجية تنعكس سلبًا على الوظائف المعرفية كالتعلّم والتذكّر وسرعة معالجة المعلومات، ما يدفع الكثيرين للبحث عن سبل وقائية.
ويقول تقرير لصحيفة "نيويورك بوست" إن الإرشادات التقليدية، كالاتّزام بنظام غذائي متوازن، والمواظبة على النشاط البدني، وأخذ قسط كافٍ من النوم، والتحكّم في مستويات التوتّر، والحفاظ على حياة اجتماعية نشطة، تُشكّل حجر الأساس للحفاظ على دماغ سليم. لكن إلى جانب هذه العادات، تبرز أساليب أقل شيوعًا قد تُحفّز الذهن بشكل غير مباشر، مثل تعلّم العزف على آلة موسيقية جديدة، أو محاولة الكتابة باليد غير المسيطرة، أو حتى تغيير المسار المعتاد أثناء العودة إلى المنزل لإجبار الدماغ على الانتباه وتشكيل مسارات عصبية حديثة.
وفي هذا السياق، يقدّم عالم الأعصاب كيفين وودز، المدير العلمي لمنصة Brain.fm المتخصصة في الموسيقى المحفّزة للدماغ، ثلاث طرق غير مألوفة لكنها فعّالة لتعزيز صحة الدماغ، يمكن دمجها بسهولة في الروتين اليومي دون عناء:
رغم أن آلية عملها غير مفهومة تمامًا، تشير دراسات إلى أن حركة المضغ تزيد من تدفّق الدم نحو مناطق حيوية في الدماغ مثل القشرة الأمامية الجبهية والحصين، المسؤولتين عن الذاكرة والتعلّم.
وهذا التدفّق الإضافي لا يُغذّي الخلايا بالأكسجين والجلوكوز فحسب، بل قد يُحسّن التركيز ويُخفّف من التوتّر.
وينصح وودز باختيار علكة ذات نكهة طويلة الأمد ولا تتحلّل سريعًا، مع الحرص على أن تكون خالية من السكر للحفاظ على صحة الأسنان.
هذه الممارسة، التي تُعرف باسم "المشي العكسي"، لا تقتصر فوائدها على تحسين التوازن وتقوية عضلات الظهر والساقين فحسب، بل تمتد إلى تعزيز القدرات الإدراكية. ويوضح وودز أن المشي للخلف يُجبر الدماغ على بذل جهد إضافي لمعالجة المعلومات البصرية والحركية، ما يُنشّط مناطق مسؤولة عن التخطيط والذاكرة.
وتنصح الدراسات المبتدئين بالبدء في مساحات آمنة خالية من العوائق، مع الحفاظ على استقامة الجسم والتركيز على تحريك أصابع القدمين أولًا.
قد يبدو الأمر بسيطًا، لكن الهمهمة أو الطنين المنتظم يُحفّز العصب المُبهم الذي يربط الدماغ بالقلب والرئتين والجهاز الهضمي. وهذا التحفيز يساعد على خفض التوتّر وزيادة إنتاج أكسيد النيتريك الذي يُحسّن الدورة الدموية الدماغية. ويُضيف وودز أن الدراسات التي أُجريت على أعضاء الجوقات الموسيقية أظهرت تحسّنًا في الأداء المعرفي لديهم، إذ إن التحكّم في التنفّس أثناء الغناء يُعزّز الشبكات العصبية المرتبطة بالانتباه.
ويؤكّد وودز أن تنوّع الاستجابات بين الأفراد يجعل التجربة الشخصية أساسية. فما يُنشّط دماغ شخص قد لا يُجدي مع آخر. لذا، يُنصح بالاستماع إلى إشارات الجسم وتجربة هذه الأساليب بانتظام حتى يتمكن كل شخص من تحديد ما يُناسبه.